في واحد من مخيمات الإيواء الواقعة في محافظة أحد المسارحة، الذي يضم أكثر من ألف نازح وزعوا على 420 خيمة بحسب تقديرات الدفاع المدني، ربما تحس وأنت تتجول داخل المخيم بأن هذا الرقم ليس حقيقياً ولا سيما في أوقات النهار، لكن ما أن تبدأ الشمس بالغروب حتى تدب الحياة خارج الخيام، ويتحول المخيم إلى ما يشبه خلية نحل. يحاول هؤلاء الذين أجلوا من قراهم الحدودية مع اليمن بسبب العمليات العسكرية المستمرة ضد المسلحين المتسللين، التأقلم مع حياتهم الجديدة في مركز ايواء للنازحين أقامته السلطات على مسافة بعيدة من الجبهة، لكن بعض العشوائية تنغص عليهم هذه الفترة الطارئة من حياتهم. يقول علي حسن جراد (21 عاماً) الذي نزح مع عائلته الى مركز احد المسارحة قبل اربعة ايام من قرية المقاطبة الواقعة على الشريط الحدودي، «نتلقى الوجبات الغذائية بانتظام، وهناك اهتمام حكومي واضح، الا أن اعمال توفير الخدمات لا تزال غير مكتملة في المخيم». واضاف: «أسكن مع عائلتي في خيمة لا تحتوي على مكيف بسبب عدم وصول الكهرباء الى الخيم كافة». والمقاطبة واحدة من قرى سعودية عدة محاذية للحدود مع اليمن تم إخلاؤها بعد الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، حين باشرت القوات السعودية عملياتها العسكرية في المنطقة الحدودية اثر مقتل احد عناصر حرس الحدود على يد متسللين مسلحين. وكانت إحصاءات الدفاع المدني والجهات الأمنية أكدت الأسبوع الماضي خلال عمليات التمشيط التي أجريت للشريط الحدودي أن 240 قرية اخليت من سكانها، كما تم إغلاق أكثر من 50 مدرسة في جنوب السعودية بسبب المواجهات. ولجأت عائلات بكاملها الى مركز الايواء في احد المسارحة بعدما وصلت اليه سيراً على الأقدام، أو بمساعدة الحمير أو بواسطة سيارات، محملين فرشاً وحاجات شخصية اخرى، فيما لجأت عائلات اخرى الى أقرباء لها او استأجرت منازل في مناطق اكثر أماناً. وبحسب تقديرات مدير الدفاع المدني في منطقة جازان العميد حمود الحساني فإن مركز الايواء يضم نحو ألف نازح كلهم من المواطنين، يسكنون نحو 420 خيمة. وأوضحت مصادر تشارك في شكل تطوعي، بإشراف الدفاع المدني، في عملية حصر النازحين، أن بعض المستلزمات الاساسية، مثل الاغطية ووسائد النوم، توزع بصورة عشوائية على السكان بسبب عدم وجود آلية حصر للنازحين لمركز الإيواء، وبسبب عشوائية التوزيع من بعض الجمعيات الخيرية المشاركة في مساعدة النازحين داخل المخيم. ويحصل النازحون في المخيم على ثلاث وجبات يومية. وعند مدخل المركز، يتقاطر النازحون لتسجيل أسمائهم من اجل الحصول على تعويضات مالية ستصرف لهم اليوم. ويقضي النازحون فترة الظهيرة داخل خيمهم بسبب حرارة الجو، الا ان فترة العصر حتى المغرب تشهد حركة كثيفة، إذ يتسابق الأطفال داخل الساحة التي تفصل جانبي المخيم للعب الكرة. وبدأ تقاطر كبار السن على العيادة الصحية منذ تدشين أعمالها الاربعاء الماضي. وقال مدير مراكز الرعاية الصحية الأولية حسين فقيهي ان «غالبية الحالات تراوح ما بين شعور بالارهاق، وتسمم غذائي، وأزمة صدرية، وارتفاع في الضغط والسكر، والتهاب في الحلق»، مؤكداً انه «ليست هناك حالات خطرة بين النازحين». واختار المواطن الستيني أحمد صلاح مساوي من قرية الغاوية على الشريط الحدودي، عدم الذهاب وعائلته إلى المخيم، بل النزوح نحو قرية أبو الرديف التابعة لمحافظة الخوبة، والتي لم تتعرض للإخلاء بسبب بعدها عن مسرح العمليات، يقول: «تركنا جميع ممتلكاتنا في القرية بسبب الاخلاء، وسنقوم باستئجار شقة في احدى المدن القريبة، ولكن نتمنى العودة في اقرب فرصة». وكان مستشار للحكومة السعودية قال أمس الخميس ان بلاده تستخدم سلاح الجو والمدفعية لفرض منطقة عازلة بعمق 10 كيلومترات داخل أراضي اليمن لإبعاد المتمردين اليمنيين عن الحدود الجنوبيةالغربية للمملكة.