المقاهي العامة مظهر لتشكل المجتمع، واستقراره، وقد تعرضت في ربع قرن مضى لنوع من التضييق بصفتها مكانا لما يراه البعض مظاهر سلبية، مع أنه صورة للواقع الاجتماعي ومكان مهم للترويح. وتفاوت الرأي حول دور المقاهي في المجتمع بين التطرف في رفضها عند من يراها شرا لا فائدة منه سواء اكتساب العادات السيئة، ورأي معتدل يراها متنفسا ضروريا للترفيه، واحتواء أناس هاربين إليها بعد العناء، ورأيي المطروح هنا لا يتوافق مع إطلاق الحرية، ولا مع إغلاق المقاهي والتضييق عليها. لست من رواد المقاهي الدائمين، لكني أحسبها أحد ظواهر المجتمع المتشكل المستقر، ومن علامة تحضره، واستقراره، ووجودها يملأ فراغا لكثيرين من الذين لا يستطيعون توفير أماكن خاصة يقصدها من يريدون فيجتمعون مع آخرين في هذه الأماكن المفتوحة غير الملزمة برسمية، أو تكاليف غير ثمن ما تشرب، تأكل خلال بقائك الذي قد يطول ساعات، وهذا هو الفارق بينها، وبين المطاعم في سعر القيم المضافة. نقد المقاهي، أو محاولة التضييق عليها في وقت فتحها، وإغلاقها، أو محاولة منعها، والتضييق في عملها كما هو الحال في بعض دولنا الخليجية هو تضييق على روادها من فئات المجتمع التي تحتاجها، وتطلب منها خدمات ترفيهية معينة، إذا لم توفرها المقاهي فستبحث عنه في استراحات خاصة مغلقة، بمعنى منع ما يعتبرونه سيئ ليؤدي إلى الأسوأ، لأن الأماكن المغلقة لا رقابة عليها في خصوصيتها ما لم تكن محل تجريم، وتقتحم بإذن إداري، كما هو معمول به في كل مكان. ما أقوله هنا هو أن الآراء المتحفظة بخصوص عمل المقاهي تفرض وصاية على الناس قد تجرهم للأسوأ، فإذا كانت المقاهي مراقبة بأصحابها عن أي شيء مخل بالآداب العامة، فلماذا التهجم عليها بسبب عرض تلفزيوني عادي، أو أن بعض روادها من البالغين يدخن الشيشة فأمر المقاهي ودورها الاجتماعي والثقافي يتعدى موضوع التدخين الذي نرفضه جميعا، وتحديد أماكن محجوبة للمدخنين شيشة، أو تبغ آخر في مكان لا يراه الرواد الآخرون أو يتأثرون به سيكون أحد الحلول الممتازة في محاربة التدخين، وترك المقاهي تقوم بدورها ليلا ونهارا لترويج السياحة، والتخفيف من أعباء أناس معزولين عن الحياة لا يجدون مكانا يذهبون إليه بعد العمل. لذلك فالهيئة العليا للسياحة يجب أن تضع نظما للسياحة، وتفعل دورها الاجتماعي لتتنوع أكثر فتظهر مقاهي المهنيين، والتخصصات، والمثقفين وغيرها مما تتواجد به الفئات الاجتماعية المتجانسة سعوديين، وجنسيات أخرى، وعدم إغلاق كل باب يفتح من أبواب الترفيه بدل السعي لتنظيمه، وتقنينه، ودعمه على أنه قطاع أعمال، وباشتراطات سعودته بالنسب المقبولة لتحقيق إيجاد وظائف مؤمنة في القطاع السياحي. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة