هذه الأيام بدأ ينتشر سلوك ليس جديدا إلى حد ما، لكن ثورة الاتصالات والانترنت جعلته يبدو جديدا، وأعني هنا نشر المكالمات الهاتفية الخاصة بين أعضاء شرف أو لاعب وصحفي أو صديق وصديق قرر أن يضحي بالصداقة لمصالح شخصية وأنانية. هذا السلوك وإن بدا أن المجتمع يرفضه بالظاهر، ويؤكد أفراده «أن من يسجل على الآخر يمكن له أن يسجل عليك أنت أيضا»، إلا أن هذه الظاهر ردة فعل دفاعية ليثبت الفرد ملائكيته، فيما الغالبية يحاسبون ويحاكمون من تم التسجيل عليه بالخفاء، يؤكده أيضا عدم وجود قانون يعاقب من ينشر محادثة تمت بينه وبين شخص آخر. ويخيل لي لو تم تسجيل المكالمات الخاصة للجميع، سيشبهون كثيرا من تم التسجيل عليهم، وربما الوزراء ورؤساء الأندية والمديرون في العمل سيفصلون كل الموظفين، بما فيهم الموظفون المتزلفون إن لم أقل المنافقين، لأن أغلب الموظفين لديهم اعتقاد بأن الصدفة هي من لعبت دورها، وأن مديرهم لا يفقه شيئا، ويمكن أن يستمر العمل بدون ثقيل الطينة المدير. أعود لمسألة التسجيلات التي بدأت تنتشر لدرجة أن البعض أطلق عليها مسمى «حرب التسجيلات»، لأقول: إن ما يحدث في الأندية لا يمكن عزله عن المجتمع، ففي النهاية الرياضة هي مرآة تعكس جمال وأمراض المجتمعات، وربما انتشار تسجيلات «البلوتوث» التي بدأ البعض يستغلها للابتزاز بما فيهم «الزوجة التي هددت زوجها بفضحه» مؤشر على أن مؤسسات المجتمع وأعني هنا التعليم والإعلام ووزارة العدل لم تفعل شيئا حيال هذا الأمر الذي يرفض ظاهريا، لكنه من الداخل أشبه بتلك النكتة التي تقول: «إن إثنين من المحافظين صادرا مجلة «بلاي بوي» وراح أحدهما يقلب الصفحات، ومع كل صورة يردد أستغفر الله، فقال له صديقه: «عطني المجلة خلني أستغفر». هذه الظاهر تؤكد لنا أن حرية الفرد لا وجود لها، والدليل ردة فعل المجتمع حيال التسجيلات، فهي وإن بدت في الظاهر ضد من اخترق خصوصية الإنسان، إلا أنها بالخفاء تتحدث عن فضيحة الآخر وتحاكمه أو على أقل تقدير تشوه سمعته بالترويج للفضيحة. وكل هذا يحدث بسبب المجتمع والآباء الذين لم يبنوا انفعالات نفسية «أخلاقية» حيال الحرية الفردية أو خصوصية الفرد التي علينا ألا ننتهكها، وأن مثل هذا الانتهاك سيثير غضب أفراد المجتمع ضد المنتهك، وليس ضد من انتهكت خصوصيته. تنويه: إن الآباء والمجتمع حين يعلمون الطفل كلمة ما، هم لا يعلمونه معناها فقط، بل والانفعالات النفسية لهذه الكلمة، فهل نؤسس انفعالات نفسية واضحة ومحددة للأفراد حيال خصوصية الفرد، فيثور المجتمع على من انتهك خصوصية وحرية الفرد، وينظر لمن انتهكت خصوصيته بعين المحب والمتعاطف؟ S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة