ريان منصور طالب في كلية خدمة المجتمع في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة، وفي الوقت نفسه سائق بلدوزر في مشروع قطار المشاعر المقدسة، يجمع بين العلم والعمل، الأمر لم يتوقف عند هذا الكفاح والاجتهاد بين تحصيل العلم والعمل الذي يتواصل لمدة 10 ساعات يوميا بين الضجيج والحفر، فهو السعودي الوحيد الذي يعمل مع مهندسين وعمال يخاطبهم بالإشارة، وكان تأثيره فيهم مهم جدا لدرجة أن اثنين منهم اعتنقا الإسلام بسببه، إضافة إلى مدير الشركة نفسه «شي جوفا» الذي اعتنق الإسلام في شهر رمضان الماضي. في الصباح الباكر يحزم ابن العشرين ربيعا حقيبته وفي يده مفتاح «البلدوزر» الذي يؤمن به قوت يومه، ويتجه نحو كلية خدمة المجتمع في جامعة أم القرى، هناك تبدأ رحلته اليومية الأولى، فعلى مقعده الدراسي ينهل من علوم المعرفة، ثم يغادر إلى المشاعر المقدسة حيث يكمل يومه سائقا لبلدوزر في مشروع قطار المشاعر، مقسما ساعات يومه بين دراسته الجامعية والعمل مع مهندسي الشركة الصينية المنفذة لمشروع قطار المشاعر حيث أمضى فيها 3000 ساعة عمل متتالية منحته «شهادة الإشادة» لكونه سعوديا بين السواعد الأجنبية. ويقول: رغبتي في العمل كسائق تأتي للمشاركة في هذا المنجز الحضاري الذي سيقضي على أزمة النقل في الحج بعد عامين. يستطرد: أجلس خلف المقود وأستمع إلى توجيهات المهندس الصيني للموقع في مزدلفة مستوحيا من إشاراته خريطة العمل، فلم يقف حاجز اللغة عائقا بيني ورفاق العمل الصينيين، بل حطمت لغة الإشارة هذا العائق، وخلقت حميمية يندر وجودها بيني وبين المهندسين الأجانب، فالابتسامات والإشارات كفيلة برفع مؤشر الرضى المتبادل، ما دفع بالصديقين الصينيين «سلمان وسليم» إلى اعتناق الإسلام عندما كانوا شاهداني أؤدي الصلاة بصفة مستمرة. وعن قصة حبه للمشروع، يقول: تعلمت ما لم أتعلمه على مقاعد الدراسة فالعطاء هنا لا يتوقف، منذ عشرة أشهر في عشر ساعات يوميا متواصلة بالرغم من أني كنت في الصف الثالث ثانوي، لكن تنظيمي بين العمل والدراسة جعلني أتجاوز الصف الثالث ثانوي العلمي بنسبة 86 في المائة، وهذه النسبة لم تؤهلني إلى دخول كلية الهندسة التي كنت أحلم بها، فالتحقت بكلية الاجتماع وواصلت عملي تحت إدارة الصينيين الذين يعملون في تنفيذ قطار المشاعر. وعن ظروف التحاقه بالعمل مع الشركة الصينية يقول: عندما نما إلى علمي انطلاقة المشروع زرته لاستطلع بدايات هذا الإنجاز التاريخي الذي سيحيل معضلة النقل في الحج إلى ذاكرة النسيان، وبالفعل حضرت إلى هنا محرم الماضي، فالتقيت مهندسي المشروع وطلبت منهم العمل في قيادة البلدوزر حيث لدي الخبرة الكافية في ذلك، وللحقيقة تعلمت الانضباط، إلى جانب دعوتهم إلى الإسلام، فعندما أتوقف عن العمل لأداء الصلاة يأتي أصدقائي للتأمل ومن ثم للصلاة بجواري وقد أسلم منهم اثنان، فهم بحاجة إلى دعوة صادقة لأنهم طيبون جدا، وهذا ما عجل بإسلام 700 عامل صيني خلال العشرة الأشهر الماضية، بمن فيهم رئيس الشركة الذي اعتنق الإسلام في شهر رمضان الماضي. وعن أمنياته المستقبلية يقول ريان: كنت أتطلع إلى دراسة الهندسة الكهربائية، لكن حلمي لم يتحقق حيث لم أقبل في هذا القسم في الجامعة وقبلت في قسم الاجتماع وأنوي التحويل العام المقبل إلى كلية الهندسة لتحقيق أملي في أن أكون مهندسا كهربائيا لأخدم وطني في هذا المجال.