في ليلة ليست ككل الليالي، كان الجميع فيها مبتسما أو ضاحكا أو باكيا أو مذهولا، كان ذلك مساء الأربعاء 2/11/1430ه، المكان دار الملاحظة الاجتماعية في جدة، المناسبة الحفل الختامي لفعاليات المركز الصيفي السابع عشر والدورة القرآنية الثامنة التي رعاها مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور علي الحناكي. لم تكن تلك الاحتفالية كأي احتفال من هذا النوع، بل كان أنموذجا رائعا للتوجيه والرعاية والإرشاد واكتشاف كنوز من المواهب والإبداعات، كان الجميع فيها مشاركا المسؤولين وأولياء الأمور والنزلاء، حتى من كان جالسا على مقاعد المسرح متفرجا فقد شارك بتصفيقه الحار تارة، وضحكاته تارة أخرى، ودموعه أحيانا فلم يكن ما قدمه هؤلاء الناشئة شيئا عاديا، فقد كانوا بحق ثلة مبدعة من الجيل الذي لا يحتاج منا سوى التوجيه والرعاية والاحتواء والدعاء لهم بأن يهديهم الله لطاعته ثم لطاعة والديهم وخدمة دينهم ووطنهم ومجتمعهم. لقد تنوعت الفقرات وتفنن الأبناء في إرسال الرسائل المبعثرة في كل صوب منها للوالدين ومنها للمسؤولين ومنها للمجتمع ومنها لأنفسهم ثم توجهوا بالشكر لله أولا ثم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله، وهم يرددون في إحدى الفقرات (شكرا شكرا أبا متعب لقد وجدنا الرعاية والاهتمام والتوجيه)، وهناك وفي فقرة أخرى اعتذار كبير للوالدين والمجتمع والوطن (عفوا أبي وأمي عفوا وطني الحبيب عفوا مجتمعي على ما بدر مني)، وهناك من عبر عن ألمه وحزنه، إن كانت الظروف القاهرة التي لا ترحم هي التي قد زجت به إلى هذا المكان، الذي لم يكن يوما يتوقع أن يكون فيه (اليتم، الطلاق، الفقر ....). وفي مشهد آخر هناك توبة صادقة أعلنها هؤلاء الفتية أمام الملأ (نستغفرك اللهم ونتوب إليك توبة نصوحا)، لا شك أن هؤلاء الشباب لم يأتوا من كوكب آخر بل هم أبناؤنا وفلذات أكبادنا، ارتسمت على محياهم خلال هذا الحفل ملامح الندم والحزن والأسى على ما قد بدر منهم. وهنا يجب أن نحتويهم وأن نوجههم التوجيه السليم نحو ما فيه خير لهم ودينهم ووطنهم ومجتمعهم، فهؤلاء يزخرون بمواهب كان جديرا بالمدارس أن تكتشف هذه المواهب وتصقلها وتحتويها. بقي أن نقول شكرا للشؤون الاجتماعية على جهودها وشكرا لدار الملاحظة الاجتماعية في جدة على هذه الجهود الجبارة في توجيه ورعاية واكتشاف مواهب هؤلاء الناشئة، وعلى رأسهم مدير دار الملاحظة الاجتماعية في جدة علي بن فايز الشهراني، الذي بحق يستحق التحية والتقدير على جهوده، وكذلك زملاؤه منسوبو الدار، فهم بلا شك على ثغر من ثغور الوطن من خلال احتواء ورعاية هؤلاء الناشئة الذين هم الآن غراس الوطن وثماره في المستقبل. راجح ناصر البيشي جدة