سكن الليل على يتيم حاوطه الحرمان من كل جانب، وعجز الكون عن احتواء همومه، أخرسه رحيل والده، لم تسعفه عبرته على البكاء، وكفاف العيش يخذله، يعيش كالغريب في عالمه، بات ليالي موسدا مطارف الحرمان، وعلى وجنتيه دموع عصف بها ظلم جائر، حتى الشكوى تتقلص حروفها في فمه فلم يجد من يسمع له، لم يعرف دفء العم والخال، لقد تجاهل الأقارب أنه أمانة، صهر في هوامش ضحايا المجتمع، تكسرت الأماني في داخله. رسم الأيتام بريشة مكتظة بطيوف الخيبة في مجتمع جاثم، لم يشعر بمرارة عوز الأيتام، استباح بعض الأوصياء إلا القليل ممن رحمهم الله، فحصنهم بالتقوى وسائل الاستفادة من أموال الأيتام، وتعامل معهم بقسوة دون أن يتقربوا لهم بالمحبة والرحمة، التي تمليها ضرورات الحياة، لتكون أيام اليتيم محدودة التألق بغصة الألم، وزوايا التسلط أوثان قامة في روح بريئة، مما يدفع الوصي على سفاهة العمل وشرورا ليست وليدة اليوم، بأسف عميق أقول يعيش اليتيم مع من حوله أسوأ ظروف التعايش الإنساني، حرم من نعمة الأبوة، انتهكت حرمته من فئة هدفها نشر الضياع والعيش على حسابها. تراكمت أمواج التوتر والعجز عن الرؤية في أوصياء يسيؤون لأنفسهم، لا يملكون حسن تقدير الأمور، باتوا ينظرون للأيتام نظرتهم إلى المغفل، تجاهلوا معنى الأمانة والذمة لمجرد أهواء شيطانية داخلهم، لم يلتزموا بوصية، ولم يفكروا بثقل الأمانة، وهذا دليل على نقص الأخلاق والثقة في دواخلهم، وشعورهم بمواطن الضعف لديهم، فإذا حاولنا تفهم قسوتهم وممارسة العنف على الأيتام لا نجد إلا تفسيرا واحدا وهو الشهوات الرخيصة والعيش دون مستوى الإحساس الإنساني وهضم روحانيات الحق. لماذا انعدمت الرحمة لفاقد أب أو طفل مجهول الهوية أو لطفل شبه يتيم؟ هل لأن البعض لا يقيم للرحمة وزنا؟ أجزم ليس كل قريب يستحق درجة الوصية، يجب أن نختار لأبنائنا بكل أناة وهدوء وصيا حي المشاعر جامع السلام يربطنا به تقارب روحي، لا صلة أرحام، هذه هي قاعدة الارتكاز على مسرح الحياة.