يقول التقرير إن عشرات من العلماء والباحثين حول العالم يعيشون لحظة ترقب لاتصال يأتيهم ليبشرهم بفوزهم في جائزة نوبل. ويحكي التقرير الصحافي الذي نشرته إحدى وكالات الأنباء العالمية عن اللحظة الأولى التي عاشها من فازوا بالجائزة العالمية: منهم من كان مسافرا لحضور مؤتمر، وآخر كان يقضي وقته في معمل أبحاثه، وثالث كان معلقا في الجو مسافرا في عمله. عشت هذا التقرير، وتخيلت مع أولئك الفائزين حال الباحث والعالم السعودي، في أي عالم يسبح؟ يقضي الباحث السعودي جل وقته في مطاردة معاملات أبحاثه: يجري خلف هذا ليطلب دعما لبحثه، ويستجدي ذاك ليوافق له على جدوى دراساته، ويشحذ الآخر ليتكفل بمبالغ المشروع. وليته يقف عند هذا الأمر، بل يتعدى إلى ما هو أشد إيلاما؛ فكثير من الباحثين والخبراء عندنا، يستظلون بالمظلة الأكاديمية الجامعية، وهنا تتجلى أعلى درجات الإحباط والاصطدام بواقع لا يشجع على القيام بمشروع بحثي من ورقة واحدة. ينشغل الباحث السعودي بالتنقيب عن قطعة أرض لبناء بيت العمر، ويبحث عن أحد البنوك التي تتكرم عليه بقرض يكفل له تسديد ديونه، ويريق ماء وجه أمام زملائه طلبا لسلفة مالية، وكل ذلك لأن راتبه الوظيفي لا يكفي لعشرة أيام من مجموع الشهر. أعرف بالاسم، مجموعة من أولئك الذين انتهى به الطريق إلى كراسي الإدارة؛ هكذا يرتاح من تأنيب الضمير، ويتمتع بشيء من لذة الاسم والمنصب حين تتلاقفها الصحف. أعرف -بالاسم- نفرا من أولئك الذين تميزوا في بداية مشوارهم البحثي، واليوم يعلنونها، دون ندم: أن علاقتهم بالأبحاث قد انتهت، لأن أحدا هنا لا يهتم لهم. تخيلوا هنا، أن «نوبل» أخطأت رقم الهاتف واتصلت على باحث سعودي، وإن كنت أعتقد أنهم لا يعرفون مفتاح الاتصال بنا حتى اللحظة، فأين ستجده: قد يكون لحظتها على سرير نومه، إلى حيث يهرب دوما، وقد يرفع سماعته من حفل غداء تنظمه إحدى شركات العلاقات العامة، حيث يجلس هناك لمنصبه الإداري وليس لشيء آخر. وقد يقطع اتصالهم به عراك بينه وبين رئيس قسمه في جامعته من أجل عدد الساعات المستحقة له. لا أعتقد أن «نوبل» قريبة منا، وكثير من الباحثين السعوديين غارقون في مشاغل الحياة، التي فرضتها عليهم مرجعياتهم الأكاديمية بوضعهم تحت ضغط المادة والعقبات الإدارية. هنا فقط، أرى أن الفرصة مواتية لأن نبتكر لنا جائزة نوبل تتلاءم وواقعنا؛ جائزة نوبل لأنكد وأتعس باحث فيزيائي سعودي، وأخرى لأكثر الأطباء اشتغالا في القطاع الخاص، وثالثة لأفقر أديب سعودي، واسحبوها على ما تشاؤون من تخصصات، لعلنا نتميز بشيء ولو بالمقلوب. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة