نعم تثير الرسالتان المتبادلتان بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو نائبه الأمير سلطان بن عبد العزيز الكثير من المشاعر الإنسانية الدافئة، وتعطي درسا تربويا عميقا عن ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الإخوة، حيث يفرح الأخ ويهنئ أخاه من صميم قلبه حين ينجح في إنجاز حلم من أحلامه الكبيرة، بل ويفخر بهذا الإنجاز ويراه وكأنه إنجاز له. وقيمة هذا الدرس تكمن في أنه يجيء في زمن عزت فيه مثل هذه المشاعر الإنسانية الدافئة النبيلة بين الناس. صحيح أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية مفخرة يجب أن يباهي بها كل سعودي، إلا أن رد الفضل لأهله في يوم يحتفل الوطن فيه بذكرى تأسيسه يعتبر واجبا لازما على من يتمتعون بنعمة التوحيد والرخاء فيه، فلو لم ينهض الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وثلة من الرجال الأوفياء الذين التفوا حوله، بمهمة توحيد كيان بحجم المملكة، والتي كانت تبدو مستحيلة آنذاك، لما كنا نستظل اليوم بظل هذا الوطن الشامخ العملاق، ونحمد الله حمدا كثيرا على نعمائه، وعلى فضله علينا. وحقا كما قال خادم الحرمين الوفي، بأنه خليق بهذه الجامعة أن تكون رمز وفاء للرجل العظيم موحد المملكة والذي لولاه لظلت حلما يراود كل من يحب الخير لدينه ولوطنه. ولعلنا قرأنا جيدا ما الذي كان يعنيه حفظه الله بذلك، إذ أنه ركز في سرده لغايات الجامعة ليس على الأهداف الأكاديمية والعلمية مجردة من «غاياتها»، وإنما ذكرها مستصحبة القيم الإنسانية العليا لها كصرح تعليمي، قائلا «نأمل أن تكون منارة علم يستفيد منها أبناء وبنات وطننا فيما يعود نفعه على ديننا ثم بلادنا والعالم أجمع، من خلال تمازج الأفكار والعلوم. ويعلم الله أننا في توجهنا هذا لا نسعى إلا لخدمة ديننا وبلادنا وأهلنا في محيط من القيم والأخلاق والأصالة، لتعزيز مفاهيم العطاء العلمي تجسيدا على تراب أرضنا الطاهرة»، فهنا تجد أن الغايات الإنسانية العليا هي «الباعث» الحقيقي وراء هذا العمل الكبير، وليس مجرد الأهداف العملية النفعية الآنية الضيقة العاجلة. وكما هو واضح من رسالة سمو ولي العهد، فإنه سلمه الله كان على دراية يقينية ببواعث خادم الحرمين، ولا غرو في ذلك، فقد تربيا وتخرجا معا من مدرسة المؤسس والملك الاستثنائي نفسها، ولذا خاطبه مشيرا إلى هذه البواعث بقوله «لقد عرفتك شغوفا بالوطن، مخلصا للعقيدة، وفيا للأمة، محبا للإنسانية، وحريصا على العلم وأهله»، ليشير بعدها إلى ما تجسد من هذه القيم في سياسات قاد بها خادم الحرمين المملكة، فأصبحت منارة للسلام الإقليمي والعالمي، عبر أدوار الملك في دعواته المتكررة وجهوده للوفاق والتصالح بين الفرقاء في المنطقة، وجهوده، كما قال سمو ولي العهد الوفي الأمين مخاطبا أخاه «للتوفيق بين الحضارات، ولنشر قيم العدل والتسامح، وعملت على تقديم الحوار سبيلا لحل النزاعات وتبديد الخلافات وفتح قنوات التعاون الحضاري بين الأمم والشعوب، فعرفكم العالم قائدا ملهما وسياسيا حكيما، داعيا للسلام مبشرا بالخير، فأتت هذه الجامعة رمزا لتلك الجهود، وثمرة نقطفها اليوم». حقا إن بواعث الكبار دائما كبيرة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة