سباق محموم ذلك الذي يكون قبل دقائق الغروب للحاق بالإفطار، يعقبه سباق آخر لصلاة التراويح، حيث درج العديد من الصائمين على طرح السؤال عقب صلاة المغرب مباشرة، أين ستؤدون صلاة التراويح هذه الليلة؟ وفيما تختلف الإجابات وترويج كل صائم للإمام الذي يصلي خلفه، يبدأ الجميع في تحديد وجهة قد لا يغيرها مهما كثر الحديث عن حسن صوت ذلك الشيخ أو ذاك. ومن بين أشهر الأئمة والجوامع التي تجذب سكان مدينة جدة الشيخ توفيق الصائغ في مسجد اللامي والشيخ عبدالله بصفر في جامع الشعيبي والشيخ أبوبكر الشاطري في جامع الفرقان، والشيخان عبدالعزيز الزهراني وعلي العجمي في جامع خادم الحرمين الشريفين والشيخ هاني الرفاعي في جامع الحمراء، حيث يتضاعف المصلون خلف هؤلاء الأئمة مع دخول العشر الأواخر حتى تفيض تلك الجوامع بالمصلين الذين يفترشون الساحات الخارجية وصولا إلى الطرقات في معظم الأحيان. وبحثا عن الخشوع خلف الصوت الشجي، يتوجه سالم باخشوين من أقصى شرق جدة في الكيلو 14 إلى غربها الأقصى، مصطحبا طفليه وزوجته بعد الإفطار مباشرة؛ للفوز بمكان في صفوف المصلين الأولى خلف الشيخ الرفاعي إمام جامع الحمراء. باخشوين يقول: كثيرا ما أعمد إلى تناول وجبة الإفطار على البحر أنا وأفراد أسرتي كسبا للوقت والفوز بمكان في الصفوف الأولى، إذ يتمتع الشيخ الرفاعي بصوت شجي وقراءة سلسة تساعد المصلين خلفه على الخشوع في الصلاة وتدبر الآيات ومعانيها، والتأخر في التحضير للصلاة قد يعني تأديتها خارج نطاق الجامع وساحاته المحيطة وفي بعض الأحيان في الشوارع المجاورة للمسجد التي تتوقف فيها الحركة بشكل شبه كامل مما يخرج المصلي من الجو الروحاني. وفي حين تتكرر الأسباب نفسها لدى خالد القحطاني من سكان حي الجامعة، إلا أنه يحرص على الصلاة خلف الشيخ توفيق الصائغ في جامع اللامي في شارع التحلية، لتمكنه من إجادة القراءات السبع وتميزه -على حد قوله- في دعاء القنوت، إضافة إلى إطالته في أداء الصلوات وفي صلوات التهجد يبحر خشوعا بالمصلين خلفه إلى ما يقارب وقت صلاة الفجر. هلال الزهراني يتناوب هو ورفاقه على حجز الأماكن في الصفوف الأولية خلف الشيخ بصفر في جامع الشعيبي في حي السلامة تارة، وجامع خادم الحرمين الشريفين تارة أخرى، ويشير الزهراني إلى حرصه على الصلاة خلف الأئمة من ذوي الأصوات الحسنة والترتيل المميز الهادئ إلى جانب الطابع العام للجوامع من حيث نظافتها وحسن ترتيبها وتوفر أجهزة التكييف فيها، لافتا إلى أن كل ذلك يساعد المصلي على الخشوع في صلاته بحثا عن الأجر والثواب، خاصة أن إدراك شهر رمضان فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى. صالح الغامدي يرفض مغالاة البعض في التوجه إلى الجوامع البعيدة وهجر مساجد الأحياء رغم محبته للصلاة خلف الشيخ الشاطري، لذلك حرص منذ البداية على السكنى في حي النسيم الذي يقع فيه جامع الفرقان، حيث يؤم الشيخ الشاطري بالمصلين.