لعل ظاهرة تتبع القراء الذين يتمتعون بصوت شجي وجميل من أهم عادات الشباب في الشهر الكريم، وذلك بحثا عن الخشوع والتدبر في الصلاة. وهناك عدد كبير من العلماء والمشايخ لا يرون بأسا في ذلك؛ لكن دون أن يكون هناك تكلف وضرر وتأخير صلاة الفرض. في حين أن بعد المسافة بين هؤلاء الأئمة وأماكن إقامة هؤلاء الشباب، والزحام الشديد الذي تعاني منه مدينة كبيرة كالرياض مثلا، له دور كبير في ظهور هذه الظواهر السلبية، التي يمكن أن يكون حلها في الخروج مبكرا، أو الصلاة في مسجد الحي القريب، دون الحاجة إلى قطع مسافات تصل في بعض الأحيان إلى 50 كلم، للصلاة خلف الإمام المفضل. الصوت الحسن اتفق أغلب الشباب من خلال لقائنا معهم على أن مساجد القراء الذين يتمتعون بصوت جميل هو السبب الأساسي في حضورهم من أماكن بعيدة إلى هذه المساجد، وهو دافع لهم على الخشوع في صلاة التراويح... وقد يكون لبعد المسافة دور في عدم اللحاق بصلاة العشاء، ولكنهم يأتمون بالإمام في صلاة التراويح ويكملون النقص. في البداية التقينا الشاب صفون خياط عند أحد مساجد القراء الذين يتمتعون بصوت جميل في مدينة الرياض، وذكر أنه يأتي بشكل يومي لهذا المسجد الذي يبعد عن منزله 15 كيلومترا، من أجل أداء صلاة التراويح بخشوع خلف هذا الصوت الشجي، وحول مسألة تأخره عن صلاة الفرض ذكر أنه يتعطل في بعض الأحيان بسبب ازدحام الطريق، إلا أنه يحاول جاهدا الذهاب مبكرا لتفادي الزحام واللحاق بصلاة العشاء والتراويح كاملة، ويوافقه في ذلك جمعان الزهراني الذي ذكر أن رمضان شهر مبارك يجب استغلاله بالعبادات وخاصة صلاة التراويح، وبيّن أنه يحرص على صلاة التراويح بشكل مستمر خلف الأئمة الذين يتمتعون بصوت جميل؛ لأنه على حسب قوله يخشع ويتدبر القرآن عندما يصلي في هذه المساجد، وبين أنه يأتي مبكرا حتى يدرك صلاة العشاء والتراويح. وانتقد الشباب الذين يتابعون البرامج والمسلسلات التي تسبق صلاة العشاء ثم يأتون إلى هذه المساجد متأخرين بسبب ذلك عن صلاة العشاء. أما الشاب إبراهيم العمري فيرى أن الأئمة الذين يتمتعون بصوت جميل يجب توزيعهم على الدائرات في المدينة، أو على حسب الجهات حتى لا يتكلف الشباب على أنفسهم بالذهاب إلى مساجد بعيدة. وكذلك من أجل التقليل من حركة الازدحام التي تصاحب هذا الوقت. وذكر أنه لا يأتي كثيرا إلى المساجد التي يكون فيه الأئمة من ذوي الأصوات الجميلة بسبب البعد والزحام. * عين الجهل ومن جهته انتقد الشيخ طلال الدوسري الشباب الذين يؤخرون صلاة الفرض على حساب صلاة النافلة وخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث إن كثيرا من الشباب يؤخرون صلاة العشاء على حساب صلاة التراويح؛ فقد ذكر الشيخ أن هذا الأمر من الجهل، حيث إنهم يبحثون عن الأرباح في النوافل ويضيعون الفرائض، خاصة بعض الشباب الذين يتكلفون الذهاب إلى مساجد بعيدة جدا، فيضيعون الوقت ويشقون على أنفسهم، إضافة إلى أن بعض الشباب هداهم الله قد يترك بعض الأمور الواجبة عليه كطاعة الوالدين، مقابل أن يذهب إلى هذه المساجد، ولم يمانع الشيخ طلال من البحث عن الصوت الشجي ولكن لا يكون على حساب الفريضة، إضافة إلى الذهاب مبكرا إلى هذ المساجد. ووجه الشيخ خلال حديثه كلمة ينصح فيها الشباب بأن يحرصوا على أوقات الفريضة وتقوى الله وعدم ضياع الوقت على حساب أمور واجبة. * نشرة أخبار كما دعا الشيخ طلال الدوسري الداعية الإسلامي المعروف أئمة المساجد إلى أن يقولوا في دعاء القنوت ما يرضي الله ورسوله، وأن يتبعوا الهدي النبوي المعروف؛ متمنيا منهم عدم تحويل الدعاء إلى “نشرة أخبار”. أو نشرات سياسية قد تغرر في بعض الشباب وتدعوهم إلى أمور لا يحمد عقباها. وتطرق الشيخ في نهاية حديثه إلى جيران المساجد الذين يوجدون بالقرب من المساجد التي يصلي فيها الأئمة الذين يتمتعون بصوت حسن وترتيل جميل، فيتضررون من الزحام وأعداد السيارات المكدسة أمام منازلهم، حتى منهم من قام ببيع منزله الخاص بعدا عن هذه الظاهرة؛ ولذلك أنصح أولا أئمة المساجد بأن يقوموا بالتوجيه الدائم للمصلين بألا يقفوا أمام منازل جيران المسجد، إضافة إلى عدم إزعاجهم، وأنصح المصلين أيضا بأن يحترموا مشاعر جيران هذه المساجد.