مازال العم عاضة بن مزيد (95 عاما) يختزل ذكريات مضى عليها الزمن وعلقت في الذهن رغم مرور سنوات تجاوزت ثمانية عقود أو أكثر. يتذكر جيدا استعدادات الأهالي لاستقبال شهر رمضان، وطريقة تناقل خبر دخول الشهر من قرية إلى أخرى عن طريق إطلاق الأعيرة النارية في الهواء إعلانا بدخول الشهر. ويقول العم عاضة: لم تكن أجهزة الاتصالات حينها متوافرة، لذلك كنا ننقل الخبر من القرى القريبة من مدينة الطائف إلى القرى المجاورة عن طريق إطلاق أعيرة نارية متفق عليها، وهكذا كان ينتشر الخبر ويعم كل القرى، وفي كثير من الأحيان كان شهر رمضان يدخل ولا نعلم بدخوله إلا بعد مرور اليوم الأول منه والذي نضطر لقضائه فيما بعد. ويتذكر العم عاضة رمضان زمان، فيقول: لا تختلف أيام رمضان عن بقية الأيام من ناحية العمل، ونحن نعمل منذ الصباح وحتى موعد الإفطار، حيث يجتمع أهالي القرية في المسجد وكل يأتي بما لديه ويتناول الجميع طعام الإفطار مجتمعين ويكون في الغالب على سطح المسجد. ويتابع: عندما يؤذن شقيقي الأكبر عواض رحمه الله توفي قبل أكثر من 15 عاما، وكان مؤذن القرية وكان يوقت للأذان بدون ساعة، وكان دقيقا في ذلك يرحمه الله. وحول إعداد الأطعمة الرمضانية، قال: كانت الظروف في ذلك الوقت صعبة للغاية ولم نكن نعرف الكثير عن الأكلات الشهيرة الموجودة حاليا، وكنا نعد (الفريقة) وهي وجبة تتكون من اللبن والحنطة والطماطم والبصل، وتقدم كطبق رئيس في ذلك الوقت ويقدم معها خبز البر والماء والتمر والذي لا يتوافر في كثير من الأحيان، إضافة إلى القهوة، وتختلف العائلات في نوعية الأكلات التي تعدها في رمضان بحسب وضع العائلة الاقتصادي. وعن السمر في رمضان يقول العم عاضة: كنا نتسامر في مسجد القرية بعد صلاة العشاء والتراويح والتي لا تقام إلا إذا كان في القرية شيخ متفقه، وفي كثير من السنوات لا يتوافر هذا الشخص في القرية فلا نستطيع إقامة صلاة التراويح؛ لأن أهالي القرية في تلك الأيام لم يكن بينهم أشخاص متعلمون. ويتذكر العم عاضة الذي صام نحو 85 رمضان منذ بلوغه الحلم، أن ظروف الحياة كانت تتحسن شيئا فشيئا حتى وصل الحال اليوم إلى ما نحن فيه من نعمة ولله الحمد، ويقول «توفرت اليوم الكهرباء ووسائل الإعلام وأنواع الأطعمة والمشروبات والتي لم تكن متوفرة في الماضي».