تعتزم الهيئة العامة للسياحة والآثار في جازان بالتعاون مع أمانة المنطقة، تنفيذ مشاريع سياحية في جبال الريث وبالتحديد في وادي لجب السياحي الواقع في محافظة الريث. وأوضح المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في جازان رستم الكبيسي، أن المشروع مطروح للمنافسة في شهر شوال المقبل، مشيرا إلى أن الدراسة والتصاميم وضعت للمشروع الذي سيكون مناسبا للزوار والسياح القادمين إلى هذا الوادي. وأوضح أن المشروع هو عبارة عن وحدات مصممة كاستراحات وجلسات للزوار مع مرافق خدمية كالبوفيهات ودورات المياه، وصممت هذه المواقع لتكون مجاورة للوادي وبعيدة عن مواقع الخطر بحيث يستطيع الزائر الاستمتاع بالمناظر الجميلة من موقعه دون النزول إلى أماكن الخطر في بطن الوادي، مضيفا أن المشروع سيسهم بشكل كبير في دعم الحركة السياحية في المنطقة بشكل عام وفي المحافظة الريث بشكل خاص. وأضاف أن محافظة الريث تقع في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة جازان وتبعد عنها حوالى 150 كم ويحدها من الشرق وادي الحياة التابع لمنطقة عسير وجبال الحشر، ومن الغرب مركز الحقو والفطيحة، ومن الشمال وادي بيش، ومن الجنوب مركز هروب، وتعد من أقدم مراكز الإمارة في منطقة جازان حيث افتتح أول مركز للإمارة في قرية مقزع في حوالى العام 1375ه. طبيعة خلابة وتتمتع محافظة الريث بطبيعة خلابة وتضاريس متنوعة جعلت منها مقصدا للمصطافين على مدار العام، حيث تتميز باعتدال الجو معظم فصول السنة وبكثافة الغطاء النباتي الذي تكتسي به سفوح الجبال. وأشار علي الريثي من أهالي الريث إلى أن للوادي أوصافا كثيرة، مثل «الحدائق المعلقة» و «الأخدود الجبلي» و «خندق الجمال» و «الينابيع العذبة» و«الخطر الجميل»، ولكل اسم مدلولاته، فالجمال والعذوبة والروعة هي المناظر التي تشاهدها في وادي لجب، والعذوبة والنقاء والبرودة هي ينابيع الوادي، والخطر هو تحدي الوادي والخوض فيه في غير وقته. وأضاف أن الوادي عبارة عن أخدود أو صدع انكساري في الطرف الشرقي من جبل القهر يبلغ طوله 11كم تقريبا من الشمال إلى الجنوب يتقابل بعد ثلاثة كم تقريبا من دخوله بصدع آخر طوله يزيد عن اثنين كم، وترتفع حواف الانكسار بشدة ويبدأ الطريق ضيقا ويستمر ضيقا قرابة 4 أمتار ثم يبدأ يتسع تدريجيا إلا أنه لا يزيد في أقصى اتساع له عن 30 مترا. مشيرا إلى أن وادي لجب يقع بين جبلين عملاقين كأنهما جبل واحد وسط صخور صلبة قيل إنها من آثار البراكين في الأزمنة القديمة، وهو يشتهر بمياهه الرقراقة وشلالاته العذبة الباردة والوفيرة بكمياتها الكبيرة ونباتاته الخضراء على جدران الجبلين. وقال إن المعجزة الإلهية في هذا الوادي تتمثل في تلك القطوع الصخرية العظيمة التي قد يزيد ارتفاعها على 500 متر، وما أن تدخله حتى تشعر بالخوف المشوب بالحذر لارتفاع جانبيه وضيق مجراه الذي تسلكه بعرض يتراوح في منعطفاته بين 4-6 أمتار وارتفاعاته الحادة من 300-800 متر وعندها لا تشاهد إلا ما يقابلك من السماء. حدائق معلقة من جانبه قال الشيخ شعبان بن وجعان الريثي: إن وادي لجب هو من أفضل الوديان الجميلة التي يقصدها السياح من مختلف الأرجاء، وهو ما أكسب محافظة الريث شهرة سياحية، وأضاف أنه رغم تعرج الوادي وضيقه الشديدين إلا أن جوانبه خضراء حيث تنبت الأشجار والأعشاب في الصخور وفي وسط هذا الارتفاع توجد الحدائق المعلقة على ارتفاع أكثر من 200 متر من الوادي ثم يعلوها ارتفاع آخر يصل إلى 400 متر مشكلا بالفعل حديقة معلقة يصل ارتفاع أشجارها إلى أكثر من 10 أمتار. وأشار إلى وعورة هذا الوادي الذي لا تستطيع السيارات تجاوز مدخله، مما يستوجب السير على الأقدام، معتبرا أن هذا أفضل لكي يتمتع الزائر بجمال الطبيعة، فعندما تسير في وسط الوادي ترى عدة طبقات صخرية، منها الجرانيت والرخام والبازلت والصخور المتحولة والنارية، إضافة إلى العروق المعدنية الأخرى وما يسمى بصخور الخورم التي اتخذ منها النحل خلايا يسكنها ويملأها مما تفرزه بطونه من العسل، وهي السمة الغالبة على هذا الوادي الرائع. متعة المغامرة ويجد زائر الوادي متعة المغامرة والاستكشاف المتجددة مع تشكيلاته الصخرية المتنوعة والمياه العذبة والبرك الصغيرة والكبيرة المنتشرة على طوله، إضافة إلى الشلالات الكثيرة المتعددة الأحجام وصوت جريان الماء الجميل وهدير شلالاته القوية، وهو ما أعطاه ميزة فريدة عن غيره. ورصدت كاميرا «عكاظ» بعض معالم الجمال في الوادي عندما التقت مجموعة من قاصديه، حيث قال الشاب ماجد الحمزي من مدينة جازان إنه سمع عن هذا الموقع من الأصدقاء كثيرا وصمم على زيارته، وأضاف: في الحقيقة لم أكن أتوقع أن في المملكة موقع بهذا الجمال وهذه الطبيعة النادرة، وأكد أنه سينقل لكل من يعرفه ما شاهده. وأضاف: أن السائح يجد في هذا الوادي كل معالم الجمال والمغامرة فهواة السباحة يجدون البحيرات المائية المنتشرة، وهواة التسلق لن يجدوا حرجا في تسلق الصخور العظيمة التي يحتضنها قلب الوادي، وهواة القفز المظلي سيجدون في الوادي مكانا مناسبا لهذه الرياضة. أما عبد الله قاسم الفيفي من جبل فيفا، فقال: سمعت عن لجب وسحره كثيرا وكل يوم كنت أتمنى أن أزوره وها أنذا في رحلة ترفيهية مع أقاربي إلى الوادي الذي أجد فيه متعة كبيرة. وقال أحمد داوود من جزيرة فرسان، إنه وصل مع أصدقائه منذ الصباح الباكر، مشيرا إلى أنه يتمتع معهم بهذه المناظر الخلابة والنادرة. وأضاف أن الموقع يحتاج إلى اهتمام الجهات المختصة لتنظيمه وتفتيت الصخور التي تعيق السير فيه وترتيب مواقع الجلوس وإبعاد مواقف السيارات. فيما قال إسماعيل زنقوطي: إن المشهد جميل جدا والناس يملأون الوادي والمياه جارية والشلالات متناثرة ولم أكن أتصور أن الموقع بهذا الجمال، ووجه رسالة إلى المعنيين بالسياحة لزيارة هذا الموقع وتطويره وإيجاد خدمات فيه. وأكد محمد يحيى الزاعبي من العارضة، أن الوادي في حاجة إلى عناية واهتمام، كما أنه يحتاج إلى مستثمرين يطورون الموقع وينظمونه ويوجدون أماكن للعوائل. فيما رأى علي يحيى اللغبي من القصبة في محافظة العارضة أن أهم شيء يجب دراسة خطورة الوادي على الزوار عند هطول الأمطار، فالمدخل هو نفس المخرج وضيق جدا، ولو جاء سيل والناس في الوادي لجرف الجميع، لأنه يستحيل عليهم تسلق الجبل. وأضاف: لابد من وجود مكان يستطيع الناس اللجوء إليه إذا ما هطلت الأمطار وجرت السيول. وأخيرا قال عبد الفتاح الصائغ: سرت في هذا الوادي حتى تعبت وشاهدت أشياء رائعة الجمال والحديث عنها يحتاج إلى مجلدات، وطالب المسؤولين عن السياحة في بلادنا بسرعة النظر إلى هذا الموقع وتحسينه والعمل على إزالة الصخور التي تعيق الزوار. مزيد من الاهتمام ولعل زياراتنا المتكررة إلى الوادي ورصدنا لعدد من سياح الخليج العربي جعلنا ندرك أن هذا الوادي هو بالفعل أعجوبة فريدة يبحث عنها هواة العجائب، ومع مزيد من الإعلام ومزيد من الإرشاد السياحي سيعطى هذا الوادي حقه كوجهة سياحية بالدرجة الأولى، لأودية جازان الفريدة بما فيها هذا الوادي. حيث إن إقامة مشروع في لجب سيسهم بشكل كبير في دعم الحركة السياحية للمنطقة، وسيخفف عناء الدخول إلى الوادي بالطرق الوعرة. ولعل المفيد في النهاية، أن نذكر بمطالبة الزائرين والسياح أنفسهم بسرعة تنفيذ المشروع للاستفادة منه ماديا وسياحيا.