أبرزت دراسة طبية ونفسية عن بيولوجيا الجهاز العصبي والسلوك أثناء الصوم أن الضبط الذاتي الذي يلتزم به الصائم بيولوجيا ونفسيا وسلوكيا ابتداء من الامتناع عن الأكل والشرب وانتهاء بكف الأذى وغض البصر، يمنحه تدريبا عاليا وقدرة جيدة على التحكم في المدخلات والمثيرات العصبية مع القدرة على خفض المؤثرات الحسية، ومنعها من إثارة مراكز الانفعال لديه بدرجة ترتبط بخفض الإثارة في نشاط التكوين الشبكي في المخ. وأوضح استشاري الطب النفسي الدكتور رامز طه محمد أن هذه الحالة هي درجة من الحرمان الحسي، مشيرا إلى أنه ثبت أن تقليل المؤثرات الحسية له تأثيرات إيجابية على النشاط الذهني والقدرة على التفكير المترابط العميق والتأمل والإيحاء، وأن الضبط الذاتي يمنح الإنسان قدرات عالية على الصفاء والحكمة والتوازن النفسي. الألم الطبيعي وقال الدكتور محمد: إن تحمل ألم الجوع والصبر عليه يحسن من مستوى مادة السيروتونين، كذلك ما يسمى بمخدرات الألم الطبيعية التي يفرزها المخ وهي مجموعتان تعرفان ب: مجموعة الأندورفين وتتركب من 31 حمضا أمينيا مستخلصا من الغدة النخامية، ولهذه المواد خواص في التهدئة وتسكين الألم أقوى عشرات المرات من العقاقير المخدرة والمهدئة الصناعية، ومجموعة الانكفالين وتتركب من عدد 5 أحماض أمينية وتوجد في نهايات الأعصاب، ولكي يستمر إفراز هذه المواد المهدئة والمسكنة والمزيلة لمشاعر الألم والاكتئاب لا بد أن يمر الإنسان بخبرات حرمان ونوع من ألم التحمل. خلوات علاجية ويساعد الصوم على ممارسة خلوات علاجية، وتأمل، ويوضح الدكتور محمد أن هذا يساعد الفرد على الخروج من دوامة الصراعات اليومية والتوتر وإهدار الطاقات النفسية والذهنية، وإصدار أوامر للعقل بالتسامح والعفو، ويحدث أثناء الصيام تعديل مستمر للحوار الذاتي وما يقوله الفرد لنفسه طوال اليوم من عبارات وجمل تؤثر في أفكاره وانفعالاته. ولفت إلى أن الصوم يمثل فرصة لغرس معاني وعبارات إيجابية مع الاستعانة بالأذكار والدعاء وممارسة العبادات بانتظام، ويحدث ذلك في إطار مبادئ علم النفس الحديثة، حيث يتم التعلم من خلال التكرار واتباع قاعدة التعليم المتدرج، التعلم بالمشاركة الفعالة، وأسلوب توزيع التعلم، كل ذلك في إطار منظومة متكاملة تسمح بإعادة برمجة حقيقية للجهاز العصبي والسلوكي، وتعديل التفكير وتغيير العادات، حيث يصبح الصوم عبادة وتأمل، وأيضا تعديل للنفس البشرية والتخلص من الانفعالات والاضطرابات النفسية، وإطلاق طاقات العقل.