ما إن يأتي شهر رمضان حتى تبدأ الاستعدادات لعودة مهن معينة تظهر وتنشط على البسطات التي ارتبط اسمها برمضان، حيث يغلب على البسطات الرمضانية التي تبيع كل شيء من معجنات ومأكولات شعبية إلى الخضراوات والمقليات، يقف خلفها أناس بسطاء يحرصون على التواجد والحضور في شهر رمضان. لا وقت للراحة عبده هبه الصبياني (56 عاما) كان يضع شماغه على رأسه اتقاء الحر والشمس وقد اتخذ من أحد الشوارع في منطقة البلد في جدة، مكانا له بجوار أحد المحال التجارية. هو ينتظر قدوم شهر الخير الذي بدأ يستعد له منذ وقت مبكر، يقول الصبياني الذي كان يحمل هموما وهواجس تطارده: لا وقت للراحة في شهر رمضان المبارك، فكما ترى بسطتي هي عبارة عن تمر برحي وسكرية وحبحب ورمان وانتظر شهر رمضان المبارك حيث تجد نفس الزبون (الصائم) في كل شيء، وفي المقابل أحرص كل الحرص على شراء كميات محددة كي أضمن بيعها طازجة للزبائن . ويعود الصبياني يصف حاله قائلا: أنا أعتمد على نفسي منذ صغري وصار التعب ولله الحمد يهرب مني بفضل من الله، حتى وإن كانت هذه البسطة بسيطة لا أجني منها سوى ما يسد جوعي وجوع أسرتي المكونة من 12 فردا إلا أنني أجد متعة حقيقية في العمل خصوصا في شهر رمضان المبارك. ولا أخفيك أنه رغم وجودي هنا بجوار أحد المحال التجارية وفيها كل ما يحتاجه الزبون، إلا أن هناك إقبالا على بسطتي لأنني أبيع بسعر في متناول اليد والبضاعة هي نفسها من ناحية الجودة، أضف إلى ذلك أن العمل في شهر رمضان فيه خير كثير و «اسأل مجرب». بسطة أدوات الاستحمام وفي منطقة وسط البلد كان العم إبراهيم محمد (60 عاما) يجلس خلف بسطته وفي داخله فرح كبير بقدوم شهر رمضان وما يحمله من ذكريات جميلة، فيقول: العمل في شهر رمضان عبادة وأنا أستغله في توفير المصاريف، والتجارة (البيع والشراء) تجري في عروقي، غير أن الحظ لم يبتسم معي وأكتفي بهذه البسطة. صحيح أن الصيدليات فيها كل أدوات الاستحمام والتجميل لكن شهر رمضان يحمل لنا الخير حتى وإن كانت بسطتي هكذا، المهم أن استغل هذا الشهر في العمل. ويضيف العم إبراهيم: ماذا تريدني أن أفعل، فأنا أعيش وحيدا دون زوجة أو ولد عرفت نفسي هكذا أجلس على بسطتي أبيع وآكل عليها ثم أذهب إلى القهوة المجاورة التي تقع داخل السوق حيث أنام فيها، وسوف تكون ليالي شهر رمضان المبارك جميلة، خصوصا أن المنطقة التي أبيع فيها يقصدها الفقير والغني. مصاريف من المساويك أما سليمان عبد الله مهدي (70عاما) الذي جاء من القوز التابعة لمحافظة القنفذة من أجل العمل في شهر رمضان فيقول: أنا رجل متزوج ولدي ثمانية من الأبناء، والحمد لله يشملني الضمان الاجتماعي. رغبت في المجيء إلى جدة من أجل العمل في شهر رمضان لأنني تعودت على العمل في رمضان ووجدت أن الكل هنا يستعد في تجهيز بسطته كبار وصغار وأطفال، وبدأت رائحة رمضان تقترب مع المحال والبسطات من حولنا في كل مكان. لا أعمل إلا في رمضان أحمد ناصر يتخذ من شارع قابل في منطقة البلد مكانا له حيث صخب المكان قال: أنا لا أعمل إلا في شهر رمضان المبارك أبيع المساويك بكل أنواعها والتي أجلبها من قرى الساحل وتحديدا من الليث ووادي حلي، وكنت حريصا على جلب كمية كبيرة من المساويك وأهمها أبو حنش الحار والبارد حيث يطلبه الكثير. وأضاف لا شك أن هذه المساويك تكون مطلوبة طوال شهر رمضان. أما زهرة بائعة الحناء حيث لا مكان محددا لها فتقول: بسطتي هي الحناء فقط، والحمد لله على كل حال. وتضيف أنا مستعدة لشهر رمضان منذ بداية إجازة الصيف حيث يرتبط الحناء بمواسم الأفراح حيث يزداد الطلب وكذلك الأعياد، وأختار مكاني من السوق إذا وجدته ملائما.