يقسم السعودي موته إلى قسمين: الأول يبدأ سريعا عند آخر يوم في دراسته وأول يوم في مهمة البحث عن وظيفة العمر وعن مقعد في مؤسسة تكفل له أن يبني أسرته ويملأ جيبه. ومقعد الدراسة هو في واقع البعض أول الطريق إلى قبور الإحباط والفشل والموت على كراسي العجز والبطالة. فتشوا حولكم عن أولئك الذين ماتوا وهم أحياء، فتشوا عن أولئك الذين خذلتهم شهاداتهم الفارغة من الروح وتوقفت بهم في بداية الطريق وحتى قبل أن يحققوا أحلامهم التي كانوا يغازلونها في بداية حياتهم. يتجول آلاف من شباب وفتيات وطني في الشوارع أول الليل وآخره، ويسحبون أنفسهم سحبا إلى منازلهم عند مطلع الفجر للهروب من تأنيب الضمير الذي سيتحرك فيهم لو انتظروا حتى ساعات الصباح الأولى ليشاهدوا جحافل العمال والموظفين وهم يبدأون يومهم. هكذا يموت من ظلمهم التعليم وخانهم التخطيط وسحبهم إلى الشوارع وغرف النوم، وهم الذين كانوا يمنون أنفسهم بكرسي خلف مكتب، وحساب في بنك يضمن لهم موقعهم في طوابير نهاية الشهر ليغرفوا من رواتبهم. هكذا يموت من يقدم ريالا ويؤخر ريالا أمام رغباته في الحياة المعقولة ليعيش مثل أولئك الذين يستظلون بوظائفهم. هكذا تموت الفتاة على شهادتها الجافة الخالية من كل مقومات الوظيفة، وكأن هنالك من يرسم لها الطريق لتعود إلى بيتها عاطلة فارغة. وهنا يغالبني الفضول: من الذي يؤسس لها تلك التخصصات ويدفعها إليها دفعا لتعود بها في النهاية إلى منزلها كما بدأت؟ ابحثوا في جواركم واحسبوا كم فتاة تجهل المكان الذي خبأت فيه شهادة تعليمها منذ سنين، وكم فتاة اتخذت قرارها بأن تتوقف عن مواصلة التعليم اتقاء الغبن الذي ينتظرها لو أنها استمرت وكافحت ثم عادت إلى نقطة البداية .. عاطلة. في القسم الآخر، ينجرف آلاف من الجنسين في مجتمعي إلى عوالم خاوية مخيفة ممتلئة بالفكر المسطح، وبالجنس المدور، والتخطيط المعطل. في مجتمعي تتسلل ثقافة الإحباط بالتكاتف مع ثقافة المتعة المطلقة واستمتع بيومك و «فلها» إلى كل بيت وكل شاب وفتاة. وحينما تستشري هذه الثقافة في بيت ما، فاحسب أهله في عداد الأموات. هذه الظاهرة بحاجة إلى ركلة حرة صادقة من صناع القرار في مجتمعي، من كل الاتجاهات، لكي لا يأتي اليوم الذي نحسب فيه المنازل ونسميها قبورا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة