لا أعرف حتى اللحظة، هل نحن حالة استثنائية في هذا الكون، أم أن معنا من يتشارك ذات طقوس حياتنا اليومية، ويبدأ صباحه مثلنا وينهي ليله كما ننهيه نحن. وعندما أبحث عمن يشابهنا في الحياة، فأنا أعني حياتنا وهي تملك المقومات التي يحسد السعودي عليها دوما، ونتمتع إلى جانبها بعادات يضحك الآخرون علينا طويلا ونحن نمارسها. أنا لا أتشمت في أنفسنا، أنتم وأنا أبناء هذه الثقافة الحياتية اليومية التي ما زلنا نتشبث بها صباحا ونسخط عليها مساء، أنا أتحدث عن يوم السعودي كيف يبدأ وكيف ينتهي، وعن حياة مجتمع تتطابق الكثير من جوانبه وتتفق على السالب، أنا أتحدث عن صباحنا في مكاتب العمل، في المطارات، عن طالب الثانوية الذي تخرج بالأمس، أين ذهب؟ عن الحاضر الذي نجتهد دوما في ضبطه على إيقاعات الماضي. نحن نعشق الماضي، ونقلد أنفسنا التي فشلت بالأمس، ونحاول سحب تجاربها البائسة إلى يومنا هذا، ولا نتوانى عن تصديرها إلى المستقبل. هكذا تسير أمور حياتنا بالبركة. تأملوا من الغد أحداث الساعة العاشرة مساء في صالات المغادرة الداخلية في أقرب مطار، حين يتجاوز عدد المسجلين على قوائم الانتظار أعداد المسافرين أضعاف الأضعاف، هؤلاء صورة متشابهة وكأنهم جاؤوا من بيت واحد، يتخذون قرار السفر قبل أن يمارسوا واجب التفكير، ويتزاحم بعضهم ممن يبحث عن رحلة، بجوار بعضهم الآخر ممن تأخر وطارت بدونهم الطائرة. تأملوا كيف نخترع دوما بأنفسنا لأنفسنا الأزمات، ثم نصرخ ونلهث بحثا عن الحلول. ولمن يعتقد أن تلك مجرد حالات فردية لا تتجمع إلا في المطارات، فسآخذه من الغد إلى المكان الذي يريده هو ليرى كيف أننا نسخ مكررة من بعضنا بعضا. واقعنا في المطارات هو ذاته في الأسواق وفي الشوارع وفي الجامعات حتى في خارج البلاد حينما يضحك علينا الآخرون، وهذه هي حياة السعودي. اسألوا غدا طالب الثانوية الذي أنهى دراسته بالأمس، أين ذهب ومتى قرر؟ ستعرفون حتما أن قرارات مستقبل حياتنا العملية تتخذ في ليلة وتطبخ في أخرى وتنفذ في ثالثة، ونسأل بعدها أنفسنا لماذا كل هذا الفشل؟ اسألوا العريس الجديد الذي يحتفل في صالة الأفراح المجاورة: متى قرر وكيف اختار وما تخطيطه؟ وستتأكد توقعاتهم حول أسباب فشل بناء البيوت في مجتمعنا. نحن نهتم فقط بالليلة الأولى وبطقوسها ولونها، وننسى لاحقا أننا بذرة لجيل قادم. فتشوا عن أحداث ساعات الصباح والمساء في يومنا، ستكتشفون كم نبعد كثيرا عن الواقع الذي يفترض أن نكون فيه. نحن نغوص في الفوضى. ولمن يشكك، فليسأل المبتعثين عن حالنا وحال من يتعلمون عندهم، نحن المختلفون ولكن بالسالب. نحن نعرف حياتنا وسوآتها، ونضحك على أنفسنا .. لكننا نصر على ممارسة طقوسها حتى الموت. فكيف يموت السعودي؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة