الضجيج من حولنا يحتم علينا أن نأخذ أوقاتاً نركن فيها إلى أنفسنا ، نريح أرواحنا من استبداد عقولنا وأجسادنا . كل صخب وضوضاء نغرق بهما ؛ لا ينقذنا منهما إلا لحظات نقتنصها بجرأة وشجاعة ؛ لكي نحيا ؛ لكي نستطيع مواصلة أو معاودة الركض في الدنيا التي أصابت سكانها بعدوى دورانها , فأصبحنا ندور ونتحرك ونركض ، ولا نلتفت إلى راحتنا ومتعتنا وشغفنا . أصبحت الأمنيات لا تعني لنا شيئاً ؛لأنها قد تتحقق بعد جهد يفوق ما تعنيه لنا،أو قد تتحقق بعد أن نكون خسرنا أشياء ثمينة كالعمر أو الصحة.أو رفقة من نحب، أو أنها قد تتحقق بعد زوال وقتها فلا نشعر بمجيئها!!أحيانا ونحن نلهث وراء حلم، نبدو كأننا وإياه كعقربي ساعة؛عقرب الدقائق يحث خطاه للحاق بعقرب الساعة؛وما أن ينال مناه،ويلحق به؛ نفاجأ به بل لا نفاجأ؛فنجده يتجاوزه بلا مبالاة وعدم اكتراث. لِمَ نؤجل الفرح والسعادة والمتعة؟ بعض الناس يضع أهدافا بعيدة.وينتظر تحقيقها حتى يكون قادرا على الاستمتاع بالحياة. وثمة فارق كبير بين السعادة ونيل المتعة لتحقيق الأهداف، وبين أن تدفعك السعادة والمتعة لتحقيق الأهداف قد تتألم لعدم قدرتك أو ظنك عدم قدرتك على الاستمتاع بحياتك كما هي الآن، وتحاول تأجيل فرحك ومتعتك لحين تحقيق ما تريد . ستجد أنك تعيش الوهم كاملاً ، فالتأجيل قد يجنبك آلام اللحظة والرؤية الخاطئة من قبلك، ولكنه حتماً سيجعلك تعيش ألماً أعظم فيما بعد !! أدعوكم ، يا من تبحثون عن المجد ؛ لتسعدوا وتستمتعوا بحياتكم ؛ أن تستمتعوا بها الآن !!اللحظات الممتعة في حياتنا كالجزر المنثورة في المحيطات ، كلما سئمنا السباحة أو خشينا الغرق؛ لجأنا إليها لنحرر أنفسنا من الخوف ، لنستعيد عافيتنا وصفاء أذهاننا وقلوبنا. لكي لا نندم على لحظة كان بإمكاننا ملؤها بالحب والضحك والمتعة ؛ ولم نفعل!! أحبائي، الحياة سلسلة من اللحظات الممتعة. لا تدخر شيئا منها لغدٍ قد لا يأتي ، وقد يأتي مثخنا بمفاجآت الزمن.البس أغلى وأحلى ثيابك ، استخدم عطرك المفضل ، واقرأ كتبك المفضلة ، اجلس في المقهى الفاخر الذي تحب ، اصطحب من تحب في جولة لأحلى الأماكن ، زر كل المدن التي تستطيع زيارتها . وأخيراً ... تذكر عندما تشعر بالمتعة وتسعد وتفرح وتضحك فإن العالم يضحك لك، وعندما تبكي وتنهمك في أعمال وشقاء الدنيا، فإنك تبقى وحيداً . * مدرب ومستشار تربوي وأسري