كنت أقلب صفحات المبوبة، فوجدت دعاية لصالون نسائي بدا واضحا أنه متواضع جدا – سواء من حيث إحداثيات موقعه الجغرافي، أو من حيث بدائية خدماته التجميلية، أو من حيث ركاكة وابتذال لغة إعلانه – (يعني بالعربي صالون على قد الحال). مثار السخرية في الأمر هو أن هذا الصالون ادعى أنه يقدم خدمة ال«VIP». وذهب الإعلان يعدد مميزات اشتراك ال VIP، ويعد بأضخم التخفيضات، ويتعهد بأجمل المفاجآت. قلت في نفسي: «الله يرحم الحال»، من هذا الVIP الذي سيحوم حول موقعكم فضلا عن دخول مشغلكم. وفي مرة كنت أقود سيارتي، فمررت بباص مكلكع، مهكع، متعتع؛ كابدت جنباته أنواع الطعجات، وحكت بويته صنوف السحجات، وشخر شكمانه بألوان الدخانات، شعرت بأسف وأسى على حال راكبيه، وآلمني ما هم فيه من بؤس وضيق ذات يد وشقاء، بالكاد لمحت في ثنايا بقايا الصبغة المتهالكة كلمة كتبت بالخط العريض، إنها الكلمة الساحرة: «VIP»، فقلت في نفسي: «إيه هين». ومرة ذهبت مع صديق للاشتراك في صالة رياضية، وعندما ولجنا، أبهرنا فخامة الأثاث، وروعة التصميم، وبهاء الإضاءات. استقبلنا المشرف وأخذنا في جولة حول الصالة، أراعنا ما فيها من أسباب الترف بالساونا، ووسائل البذخ بالحمامات المغربية، وعجائب التقنية في الأجهزة الرياضية، وبدع الرفاهية بالحلويات والمشروبات و «التشيزكيكات»، وبعد طول شرح عن المزايا والخدمات، بدأ المشرف أخيرا بالحديث عن الأسعار، وليته ما بدأ. صحيح أننا لم نشعر بأننا في صالة رياضية، بل في منتجع دولي، ولكن الأسعار التي ذكرها المشرف كانت كونية. ليس هذا فحسب، بل زاد المشرف متشدقاً: «طبعاً هذا سعر الاشتراك العادي، ولكن لدينا اشتراك سبيشل للVIP»، وانطلق يعدد مزايا اشتراك الVIP؛ استوقفته بغتة قائلا: «لحظة، لحظة، المشترك العادي يحتاج تسهيلات بنكية ليتمكن من التسجيل، فلا تواصل شرح مزايا اشتراك ال VIP. هذه الظاهرة التجارية المقيتة أيها السادة، لا تعدو كونها استغلالا دنيئا لنقطة ضعف يعاني منها مجتمعنا ولنصطلح على تسميتها ب «عقدة الVIP» هذه المستشرية في اشتراكات المحلات، ومستفحلة في حجوزات الفنادق، ومتمكنة من لوحات السيارت، ومتفاقمة في أرقام المحمولات. سعد العواد