لا أعرف كيف وصلنا إلى هذه الحالة الخاصة بين شعوب العالم. وكلمة لا أعرف هي محاولة للابتعاد عن ذكر ما لايقال، ومع ذلك لابأس من ذكر الكليشة المعتادة وهي الخصوصية السعودية. وهذه الخصوصية انتجت أشكالا من السلوكات الاجتماعية التي غدت محل تندر في أحيان كثيرة، ولو قبضت على ممارسة اجتماعية فستقودك هذه الممارسة إلى نتائج ترتبت عليها مشاكل اجتماعية مركبة، فعدم قيادة المرأة للسيارة مثلا، انتجت عشرات السلوكيات التي تعتبر ابنة شرعية لهذه المشكلة الأم. ولأن المرأة دخلت سوق العمل أصبحت بحاجة للانتقال هنا وهناك، وجاءت المعلمات في مقدمة الباحثين عن سائقين لنقلهن إلى مدارسهن البعيدة (وهذه مشكلة من عدة رؤوس، ليس المجال لذكر رؤوسها المختلفة)، وإنما هي محاولة للإمساك بمشكلة واحدة هي محل لغط هذه الأيام، فكثير من المعلمات اقترن بالسائقين الذين يقمون بإيصالهم إلى مدارسهم في القرى البعيدة، وسبب اللغط ما اعتبره رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الملك فهد الأمنية الدكتور محمد النجيمي أن هذه الزيجات محرمة منطلقا من أي زواج يبنى على مصلحة مؤقتة فهو محرم ويتنافى مع المقصد الشرعي. وحذر النجيمي المعلمات من الإقدام على هذا النوع من الزواج لأنه مقترن بزواج مصلحة ومعتبرا أن مثل هذه الزيجات محرمة وعلى النساء والرجال ألا يقدموا عليها، مستندا على القاعدة الفقهية التي تقول «إن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني». وأول منزلقات هذا الرأي هو التعميم وليس التخصيص، فليس كل زواج تم بين معلمة وسائقها قائما على مصلحة مؤقتة، كما أن الزواج في أصله هو مصلحة سواء كانت مؤقتة أو طويلة الأمد، فليس هناك زواج قائم من غير توفر مصالح بين طرفي العقد منها ما هو معلن ومنها ما هو ضمني. والقاعدة في الزواج أن المرأة تنكح لمالها أو جمالها أو حسبها أو دينها، وهي أربعة عوامل محرضة على الزواج وكلها بها مصلحة للمقترن بالزوجة، وسواء كانت المصلحة قريبة أو بعيدة، فهذا لا يمنع توفر عدم الانسجام وبالتالي حدوث الطلاق إن كانت الخشية من حدوث الطلاق كضرر من ذلك الزواج. وللأسف الشديد ثمة فتوى انتشرت في فترة معينة ولازالت سارية المفعول تنص أنه يحق الزواج بنية الطلاق، وإن كانت هذه الفتوى قيلت في ظرفية المسافرين إلى البلدان الغربية للحصول على العلاج أو العلم (ومع أنها فتوى تحرض على الخدعية) إلا أنها بقيت ذات أثر وخيم حين تسلح بها الكثيرون وهم يعقدون عقود الأنكحة تحت أنواع ومسميات الزواج والذي (كان خاصية سعودية بامتياز) كزواج المسفار والمسيار ومسميات أخرى اخذت بطاقة عبور للوصول إلى الإشباع الجسدي من غير الالتفات لما تنتجه تلك الزيجات من مشاكل اجتماعية لا حصر لها. وإذا كان زواج المعلمات بالسائقين الذين يقمون بإيصالهم إلى أماكن تدريسهن محرما، فمن باب أولى مناقشة المسببات التي أدت إلى مثل هذه الزيجات.. وهي أسباب لا توجد إلا بين ظهرانينا بينما جميع بلدان العالم تعمل فيها المرأة من غير أن تضطر إلى زواج المسفار أو المسيار أو زواج السيار (وهو اسم اشتققته من السيارة وأظنه سيدخل قاموس أنواع الزواجات لدينا وكل الخشية أن يتحول العاطلون إلى سائقين كي يجد زوجة وسيارة) ولن يجدوا في رأي الدكتور النجيمي أي تحريم يذكر سواء الزوجة أو الزوج لأن الأوضاع منفرطة للغاية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة