فرحت كثيرا عندما أكملت بناء مسكن عائلتي في مدينة جدة ولم يتحقق ذلك إلا بعد جهد جهيد، يعلمه كل من دق الأرض وأقام أعمدة البناء، وأي شخص وصل إلى هذه المرحلة يكون قد اقترب من ضفة الناجين، وإن كان لايزال في خانة (الحبو) إلا أنه اقترب من الوقوف على قدميه، بغض النظر عن الكسور والدمامل التي ترافق البناء، هذه المرحلة أخذت أحبوا فيها لزمن وأنا أتلقى كوارث لا حصر لها تأتي من قبل المقاولين والعاملين في البناء، خاصة في ظل عدم وجود رادع لأي تلاعب يحدث من تلك العمالة، وطوال فترة البناء والدعاء قائم (اللهم سلم، سلم)، ومع اكتمال البناء، غمرتني فرحة غامرة عندما سلمت مفاتيح شقتي المستأجرة لصاحبها (بعد عناء الإجار الذي انهكني لمدة طويلة) وعندما سكنت في بيتي الجديد، لم يتم اطلاق التيار الكهربائي، فطلبت من أحد جيراني أن يوصل لي كيبل كهرباء لبيتي ريثما أراجع البلدية، فلم يتردد هذا الجار، ومع مراجعتي للبلدية أفادوني أن طلبات الكهرباء متوقفة عن الأحياء العشوائية حتى يصدر أمر من الجهات العليا بالسماح بها للمواطنين الذين لا يملكون حجج استحكام على منازلهم ودام ذلك التوقف حوالى ثلاث سنوات (كان جاري خلالها يمدني بالتيار الكهربائي)، وبعد انتظار ثلاث سنوات سمح مجلس الوزراء (الموقر) بمد التيار الكهربائي لمن هم في مثل حالتي، إلا أن الشروط كانت تعجيزية بعض الشيء ومن تلك الشروط: أن يكون المنزل مبنيا قبل عام 1424ه، وأن لا يكون في أرض مملوكة للغير، وشروط كثيرة لا يمكني تذكرها الآن وعند مراجعتي للبلدية أفادوني أن منزلي متداخل مع أحد أصحاب الصكوك ولا بد من إحظار تنازل منه ليتم إيصال التيار الكهربائي لمنزلي، أخذت أسأل عن صاحب الصك وأبحث عنه في كل مكان من مدينة جدة حتى وجدته بعد فتره طويلة وعناء مرير ولم يتوان الرجل وأرسل معي وكيل أعماله للأمانة وأنا في سعادة لا يعلمها إلا الله وبعد ذلك قال لنا الموظف وبكل برودة (يا خوي ما نقدر نعطيك خطاب للكهرباء حتى تحظر لنا ورقة تنازل ثانية من صاحب الصك الأول) فقلت له هل الأرض عليها صكين قال نعم. هذه شكوى لأحد المواطنين الذين، وجدوا أنفسهم في مشكلة لن تنتهي ويرون ضرورة أن تحل مشاكلهم العالقة التي لن يتنازلوا فيها عن مساكنهم ولن تتنازل البلدية عن شروطها. وهي مشكلة تذكرك بمن يضع العقدة في المنشار، ومثل هذه المشاكل تتكرر يوميا وفي أماكن مختلفة، وكلها تبدأ من نقطة واحدة كان بالإمكان تلافيها من قبل المواطنين أولا ومن قبل البلديات ثانيا، وأول منطلقات المشكلة هي تمكين فرد من بيع مخططات لا يملكها (البائع) في الأساس، هذا البائع يتحرك أمام بصر البلديات في كل منطقة، حيث يبدأ بالتخطيط، وبيع ذلك المخطط بضمان حماية المشتري من أي معتد إلا الدولة (ممثلة في البلدية)، وبهذه الطريقة انطلقت عشرات الأحياء العشوائية. حتى إذ تنبهت البلديات تكون المدينة قد تشجرت بعشرات الأحياء وآلاف المواطنين، لتبدأ مشاكل المواطنين في التراكم، فمع عدم مقدرة المواطنين على شراء قطع أرض في المخططات المعترف بها والتي تنافس السحاب ارتفاعا، ستجد هذا المواطن يقوم ببناء القطعة التي اشتراها وفق حجة (وليس صكا)، وبعد الانتهاء من البناء، تبدأ معاناة أخرى مع البلدية وشركة الكهرباء، وتتوالى المشاكل تباعا. لنقف هنا ونقول إن البلدية على حق كونها تسعى للتنظيم والتخلص من العشوائيات، ولكن هذا الحق جاء متأخرا جدا، حيث تكبد المواطن خسائر فادحة لا يمكن تعويضه. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة