أن تكون لديك كهرباء وتقطع بين الحين والآخر لا بأس، أن تتأخر عن التسديد ثم تفصل تبعا لذلك لا بأس أيضا، أن تتمتع بصورة دائمة بهذه الخدمة لا بأس كذلك، لكن أن تقطن أنت وأسرتك بيتا في حي الحرازات ووادي مريخ او الصواعد جنوب شرق محافظة جدة، بلا كهرباء، هنا لا يمكن القول لا بأس؛ بل بأس وألف بأس. اختارهم المكان ولم يختاروه، وهنا يكمن الإشكال مع هؤلاء القاطنين في بيوت لا كهرباء فيها ولا أمل. تعبت.. والله تعبت أحمد الزهراني (75 عاما) كان يتكئ بجوار باب بيته بعدما فتح النوافذ والشبابيك، قال: أجلس هنا من شده الحرارة التي تكون فيها أجواء البيت في مثل هذا الوقت من النهار، أنا شايب كما ترى ولم يعد لي من صحة تمكنني من الذهاب والإياب أكثر مما عانيت، من البلدية إلى الكهرباء أريد كهرباء يا ناس ولا أريد شيئا آخر، أنا لا علاقة لي بهذا (القوقل) لا بارك الله فيه فقد حرمني وما زال يمنع الكهرباء عن بيتي، عشر سنوات والله كثيرة علي ولا أستطيع تحمل أكثر من ذلك. أنا لا دخل لي ومع ذلك ما زلت أؤجل موضوع السكن في بيتي هذا كل سنة، ما أدى إلى تراكم الإيجار علي. أسكن بالإيجار وبيتي هنا تلعب فيه الريح والطيور، فإلى متى؟ . ارحمونا من الإيجار بعد أربع سنوات من المراجعات وحالة اليأس اضطر عوض مساعد الذبياني (52 عاما) لنقل عفش بيته وأسرته إلى بيته الذي ما زال بلا كهرباء. «كما ترى كل شيء جاهز ولم يتبق سوى نقل الأسرة من البيت المستأجر في حي الروابي في جدة ولم يمنعنا سوى الكهرباء. ولو دخلت الكهرباء فسوف أقيم حفلة بهذه المناسبة ولو أستدين تكاليفها لا يهمني. لكن عطية حامد الغامدي لم يتمكن هو الآخر من الانتظار والبقاء تحت رحمة الإيجار ففضل نقل أسرته والسكن في بيته معتمدا على سلك كهرباء من مولد كهرباء لدى جار له حيث قال: منذ 25 سنة وأنا أمني النفس بدخول الكهرباء، لكن هذه الأمنية لم تأت حتى الآن ولم يكن أمامي سوى الانتقال والبقاء في هذا البيت إلى أن تمكنت من سحب سلك كهرباء فقط لإنارة البيت، ولا يقتلني سوى فترة الظهيرة حيث نواجه مشكلة حرارة الأجواء. المعضلة أنهم يسمحون بدخول الكهرباء لمن هم قبل 1423ه، أما من هم بعد هذه السنة فلا حظ لهم في الكهرباء. جارنا أنار بيتنا صالح محمد الزهراني وقريبه محمد سعيد الزهراني ورفيقهما عماد أحمد الغامدي كانوا جميعا يبحثون عن كهربائي لكي يعيد التيار الكهربائي للسلك الممتد من منزل جارهم إلى بيت صالح الذي قال: تقدمنا منذ أربع سنوات بطلب التيار الكهربائي من الشركة، لكن تم تحويل المعاملة للبلدية ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن ونحن في انتظار ذلك الفرج، ولأننا نسكن في البيت فقد لجأنا إلى جارنا الكريم وجزاه الله خيرا حيث سحب لنا سلكا من بيته إلى بيتنا. ويضيف أحمد قائلا: كلنا نقطن في حي الحرازات وبسبب أن بيوتنا بوثائق لهذا نواجه مشكلة في إدخال التيار الكهربائي من قبل البلدية. يتداخل محمد سعيد بقوله: تقدمنا بطلب الكهرباء منذ أربع سنوات وما زلنا نواجه حتى الآن مشكلة مع حرارة الصيف. في حين يقطن محمد إبراهيم عبد الله الزهراني منذ عام 1418ه ويقول: لقد بنيت هذا البيت منذ ذلك التاريخ وكما تلاحظ لم ينقصه أي شيء عدا دخول الكهرباء، فلقد تقدمت بطلب الكهرباء مرارا وتكرارا وكان آخرها في عام 1425 ه، لكن كانت المعضلة الكبرى قولهم أن (قوقل) لا يظهر موقع بيتي، وماذا يعني عدم وجود بيتي هذا في (قوقل) هل يعني أن يظل بيتي بلا كهرباء؟ يقاطعه علي بن سعد القحطاني قائلا: قبل عدة سنوات كان إيصال التيار يتم مباشرة بالطلب من شركة الكهرباء وكانت المعاملة تستغرق لديهم نحو خمسة عشر يوما وتضع لك عدادا بستين أمبير، لكن في السنوات الماضية ربطت إجراءات الكهرباء بإجراءات البلدية وتعقدت المسألة هنا، وصار كل من يود إدخال الكهرباء عليه مراجعة البلدية ومن هنا حرم الناس من الكهرباء مع الأسف الشديد. بيتي مثل بيت العم محمد مبني منذ ما يقارب تسع عشرة سنة ومع ذلك لا أحقية لي بالكهرباء. 3 أسر ومعاناة مولّد ناصر سحمان السبيعي (80 عاما) بعدما يئس من دخول الكهرباء قال: منذ عام 1417 ه وحتى الآن لا أمل في مجيئها ولهذا اضطررت من أجل توفير هذه الخدمة لثلاث أسر تعيش معي في هذا البيت إلى شراء مولد كهربائي بالتقسيط كلفني مبلغا قدره 70 ألف ريال، اعتمد عليه في تشغيل المكيفات والإنارة وكافة الأجهزة التي في البيت. ومن المؤسف أنني لا أستطيع أن أشتري مولدا آخر يساعد هذا المولد ويخفف عنه الضغط، فمن المعروف أنه يجب تشغيله نحو 12 ساعة وإيقافه أيضا 12ساعة. في النهار يصعب جدا إيقاف المولد ولهذا أستغل وقت الليل وبرودة الجو من أجل أن يرتاح هذا المولد وخصوصا مع وجود أطفال صغار ومواليد كما ترى. هذا المولد يكلفني قسطا شهريا يصل إلى 850 ريالا بالرغم من أنني متقاعد ويشكل مثل هذا المبلغ عبئا مرهقا. خياراتنا صعبة ولا يختلف حال محمد زهير (أبو علاء) عن السبيعي، فالرجل تحمل عبء شراء مولد كهرباء ووضعه أمام خيارين كلاهما صعب، فإما تحمل إزعاج المولد وإما المبيت في العتمة وحرارة الجو حيث قال: بالفعل تعيش في هذا البيت ثلاث أسر؛ أسرتي وأسر أبنائي وكنا ندفع إيجارا سنويا يصل إلى 35 ألف ريال، عندما بنيت هذا البيت قررت هروبا من تكاليف الإيجار أن أشتري هذا المولد الكهربائي حيث كلفني 60 ألف ريال، وأوقفه مدة أربع ساعات يوميا. أحتاج المولد للإنارة وتشغيل أجهزة التكييف فقط، وكما تعلم فإن هذا المولد يحتاج إلى صيانة دورية وإلى وقود، والعملية بصورة عامة مكلفة جدا وإدخال التيار الكهربائي سوف يخفف عنا مثل هذا العبء ويريحنا من هذه المعاناة. أسأل الله تعالى أن يوفق المسؤولين لما فيه صلاح الجميع. ظروفنا جاءت بنا ويبتسم صالح فرج مبروك (40 عاما) أثناء سرد معاناته قائلا: أبتسم من إحساسي بالقهر والمعاناة . اشتريت مولدا آخر وبقسط شهري يصل إلى 1200 ريال وهذا بكل تلك التكاليف أعتبره أفضل حالا من الإيجار وإن كنت أعتبر نفسي ما زلت مستأجرا بالرغم من أنني أسكن في بيتي والسبب تكاليف الصيانة والتقسيط والوقود لهذا المولد. ويتدخل عبد الله الشهري الذي ما زال يعيش مستأجرا في حي الصواعد وبإيجار يصل إلى 20 ألف ريال قائلا: لا أنتظر سوى دخول الكهرباء، بيتي جاهز بل إن ثلاثة أرباع العفش موجود هنا. ويقول العم حسن المولد الرجل المتقاعد بعد خدمة 32 عاما: لا أريد من الدنيا شيئا عدا أن تعيش أسرتي التي تسكن في هذا البيت، وبعدما أحضرت هذا المولد الكهربائي لا أريد سوى إدخال خدمة الكهرباء وكفاني هذا. الكهرباء أولى بهذه التكاليف ويتعجب محمد سالم الصاعدي 48 عاما من هذه الإجراءات التي قال عنها إنها لا تخدم أي أحد سوى متعهدي الكهرباء الأهلية فهم المستفيد الأول من عدم إيصال التيار الكهربائي لعباد الله في وادي مريخ أو في الحرازات والصواعد. فهؤلاء يدخلون لك التيار من مولداتهم مقابل 3 آلاف ريال كرسوم دخولية فقط، ثم يمدون لك سلكا واحدا فقط للإنارة أي إنارة البيت ولا غير الإنارة بمعنى المكيفات لا يتم تشغيلها، كل هذا مقابل رسم شهري يصل إلى 250 ريالا.