شهدت العاصمة الإيطالية الأسبوع الماضي الاجتماع الثاني والثلاثين لنادي (رؤساء الطباخين) الذي شارك فيه أكثر من ثلاثين طباخا في أهم القصور الرئاسية والملكية في العالم، وقد أكد طباخو رؤساء الدول الكبرى في هذا الاجتماع أنهم (صانعو سلام)، وذكرت بعض التقارير الصحفية المصاحبة للاجتماع أن الكثير من الاتفاقيات الدولية المهمة تم توقيعها بفضل الأطباق اللذيذة التي أعدها الطباخون المهرة. ويبدو أن الطباخين العرب لا يتمتعون بمهارة زملائهم في الدول الكبرى لأن الاجتماعات العربية غالبا ما تنتهي بالفشل الذريع رغم المظاهر الاحتفالية التي تسبق هذه الاجتماعات، حيث تتسبب الأطباق الخالية من الملح والمليئة بالبهارات الحارة في إفساد الاتفاقيات السياسية، ويجدر بالجامعة العربية أن تشغل وقت فراغها بإعداد دراسة تحت عنوان: (أثر الطبخات الفاشلة على وحدة المصير العربي) تتضمن توصية بالاعتماد على مطاعم الوجبات السريعة في الاجتماعات العربية المقبلة. واذا كان الطبخ في العالم المتقدم يعد عملا فنيا رائقا وراقيا فإنه في العالم العربي يعتبر (مؤامرة الأواني) فالمثل العربي يقول: (طباخ السم يذوقه) وكذلك الحال في الأمثال الشعبية حيث يتم التركيز على فكرة أن النتيجة السيئة هي أفضل جزاء للإعداد السيئ وليس ثمة عقوبة للطباخ السيئ أفضل من إجباره على تناول طبقه الرديء: (طبخ طبختيه.. يالرفلة أكليه)، وقد لا يصل الطباخ إلى أي نتيجة بسبب إصراره على الخطأ مثل قول الشاعر الشعبي: (مسكين يا طابخ الفاس.. تبغى المرق من حديدة!). وحتى إذا كانت الطبخة ناجحة ولذيذة المذاق فإن الثقافة العربية لا تتعامل معها باعتبارها لوحة فنية كما هو الحال في الثقافات العالمية الأخرى بل يتم تقديمها باعتبارها رشوة أو وسيلة للتضليل ولذلك يقول المثل الشعبي: (أطعم الفم تستحي العين) بينما يقول مثل آخر: (عند البطون تعمى العيون)، بل إن فعل (أكل) دائما ما يأتي مقترنا بالمشاهد المزعجة حيث نقول: (أكل علقة) أو (أكل مقلب)!. حتى أسماء الأطباق الشهيرة في العالم العربي لا تساعد على تحقيق الانفراج السياسي ف (الكبسة) من الكبس الشديد و(الكشري) من التكشير و(المقلوبة) من قلب الحقائق و(المنسف) من نسف الاتفاقيات و(الملفوف) من اللف والدوران و(المكدوس) من تكديس المشاكل و(المعلاق) من القضايا العالقة.. وكذلك الحال بالنسبة ل (المضغوط) و(المكتوم) و(الكسكسي)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة