مع الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، أصبحت (الثريدات) وسيلة شائعة لتبادل المعلومات والأفكار. ومع ذلك، تترافق مع ظاهرة التضليل، إذ تتزايد المعلومات المضللة التي تؤثر على الرأي العام. وتستعرض «عكاظ»، آراء مجموعة من الخبراء من مجالات مختلفة حول تأثير (الثريدات) وسبل التحقق منها، مستعينين أيضاً بصحافة البيانات لتوضيح النقاط الرئيسية. ماهي (ثريدات) التواصل؟ هي مجموعة من المشاركات أو التدوينات المرتبطة ببعضها، تُستخدم لنقل فكرة أو موضوع معين بشكل شامل ومفصل على منصات التواصل الاجتماعي، وهناك بعض النقاط التي توضح مفهوم (الثريدات) كالتسلسل الزمني؛ إذ تتكون (الثريدات) من عدة تغريدات أو منشورات، تُنشر بالتتابع، ويُمكن للمستخدمين متابعة الموضوع بشكل سلس. وتُستخدم (الثريدات) لتقديم شروح تفصيلية لموضوع ما، سواء كان تعليمياً أو ترفيهياً، مما يُسهل على الجمهور فهم المحتوى بشكل أعمق، إلى جانب المشاركة والتفاعل. وتمكّن (الثريدات) المستخدمين من التفاعل بشكل أكبر، ويمكنهم التعليق أو مشاركة كل جزء من (الثريد)، مما يعزز الحوار والنقاش حول الموضوع، ويمكن أن تشمل (الثريدات) نصوصاً، صوراً، روابط، أو حتى مقاطع فيديو، ما يجعلها أدوات مرنة لنقل الأفكار. كما تُستخدم (الثريدات) لعرض الأخبار، مشاركة التجارب الشخصية، تقديم النصائح، أو نشر فقرات أدبية وتفسيرية، مما يجعلها جزءاً مهماً من تجربة المستخدم في وسائل التواصل الاجتماعي. تحققوا من المعلومات خبير سياسات الأدوية والأبحاث الدكتور ثامر الشمري، يؤكد أن المعلومات الطبية المتداولة عبر (الثريدات)، تمثل خطراً كبيراً. ويستخدم الشمري، بيانات من دراسات سابقة تشير إلى أن 70% من المعلومات الطبية المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي غير دقيقة.. «خلال جائحة كوفيد-19، شهدنا انتشار شائعات حول العلاجات والأدوية. المعلومات المضللة التي لا تؤثر فقط على الأفراد، بل تؤثر أيضاً على السياسات الصحية العامة». ويوصي الشمري، بتعزيز التعليم الطبي الرقمي، ويجب على المستخدمين أن يكونوا قادرين على التحقق من المعلومات عبر مصادر موثوقة. ويدعو إلى استخدام أدوات مثل تطبيقات التحقق من الحقائق لمساعدة الأفراد في اتخاذ قرارات مستنيرة. حللوا البيانات أستاذ المالية الدكتور وليد سعود الغصاب، يشير إلى أن (الثريدات) تلعب دوراً كبيراً في تشكيل القرارات الاستثمارية. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة هارفارد، فإن 60% من المستثمرين يعتمدون على المعلومات من منصات التواصل الاجتماعي عند اتخاذ قراراتهم.. «المعلومات المغلوطة يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة.. يجب أن يكون لدينا نظام تعليمي يركز على التوعية المالية». ويؤكد الغصاب، أهمية البيانات المالية الدقيقة، ويقترح استخدام منصات تحليل البيانات لمساعدة المستثمرين في تقييم المعلومات المتداولة. اضبطوا المحتويات المحامي سلمان الرمالي يعبّر عن رؤيته القانونية حول الحاجة الملحة لوضع تشريعات تنظم نشر المعلومات و(الثريدات) على منصات التواصل الاجتماعي، مشدداً على أهمية الحصول على رخصة ممارسة مهنة صناعة المحتوى.. «في عصر المعلومات الرقمية، أصبح من الضروري أن تكون هناك معايير واضحة لضبط نشر المحتوى. المعلومات المضللة يمكن أن تؤدي إلى قضايا قانونية، خصوصاً في حالة الضرر للسمعة أو الأعمال التجارية». ويشير الرمالي إلى أن غياب تنظيم فعَّال يمكن أن يسهل انتشار المعلومات المغلوطة، ما يزيد من المخاطر القانونية على الأفراد والشركات.. «عندما يتم نشر محتوى مضلل، فإن الأضرار يمكن أن تكون جسيمة، بدءاً من فقدان الثقة من قبل الجمهور إلى التبعات القانونية التي قد تشمل دعاوى قضائية. لذا، يجب أن تكون هناك قوانين تلزم الأفراد والشركات بالحصول على رخصة لممارسة مهنة صناعة المحتوى». ويدعو الرمالي إلى تعزيز قوانين حماية المستهلك، مشيراً إلى أن هذه القوانين يجب أن تشمل آليات لمراقبة المحتوى، خصوصاً في الحالات التي تتعلق بالصحة والمالية والرياضة والقانون والموارد والهندسة.. «المعلومات المتعلقة بالصحة، مثل العلاجات أو الأدوية تحتاج إلى دقة ومصداقية عالية. في حال وجود معلومات مضللة، قد يتعرض الأفراد لأخطار صحية، وبالتالي يجب أن تكون هناك آليات قانونية تحمي المستهلكين من هذه المخاطر». ويؤكد الرمالي أهمية وضع معايير واضحة للمحتوى المسموح به، مع ضرورة تضمين إجراءات عقابية ضد من ينشر معلومات مضللة بشكل متعمد.. «يجب أن نضع في اعتبارنا أن حرية التعبير مهمة، ولكنها تأتي مع مسؤولية. لذلك، فإن التشريعات يجب أن توازن بين حماية حرية التعبير وضمان سلامة المجتمع». تضليل السيّاح رئيس مجلس جمعية الإعلام السياحي عواد ظاهر الطوالة، يشير إلى الأثر المباشر للمعلومات المضللة على قطاع السياحة.. «عندما تُنشر معلومات خاطئة عن وجهات السفر، يمكن أن تتأثر قرارات السياح بشكل كبير، ووفقاً لاستطلاع أجرته الجمعية فإن 55% من السياح يتأثرون بالمعلومات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي». ويؤكد الطوالة أهمية التعاون بين الجهات السياحية والإعلاميين لضمان نشر معلومات دقيقة، ويقترح استخدام البيانات لتحليل تصرفات السياح ورصد الاتجاهات. نقل الأفكار المعقدة مدير النشر الرقمي في القطاع الصحي المتخصص في صحافة المعلومات رعد خالد الزقدي يقول: «تُعتبر (الثريدات) في منصات التواصل الاجتماعي، من الأدوات الحديثة التي أحدثت ثورة في طريقة تبادل المعلومات وتفاعل الأفراد. فهي لا تتيح فقط الفرصة للتعبير عن الآراء، بل توفر أيضاً منصة لنقل الأفكار المعقدة بشكل أكثر تفصيلاً، ما يمكّن المستخدمين من فهم القضايا بعمق أكبر». ومع ذلك، يشير الزقدي، إلى أن استخدام (الثريدات) يأتي مع تحديات كبيرة.. «سهولة نشر المعلومات تعني أن الأخبار المضللة والشائعات يمكن أن تنتشر بسرعة، ما قد يؤدي إلى انتشار معلومات خاطئة، وخصوصاً في مجالات حساسة مثل الصحة العامة. هذه المعلومات المغلوطة قد تؤثر بشكل خطير على قرارات الأفراد وسلوكياتهم». ويضيف الزقدي: «يتحتم على المستخدمين أن يكونوا واعين للمسؤولية المترتبة على نشر المعلومات. من الضروري التحقق من المصادر والتأكد من صحة المحتوى قبل مشاركته. كما أن هناك حاجة ملحة لتعزيز الثقافة الإعلامية، وتعليم الأفراد كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة». كما يؤكد الزقدي على دور المؤسسات الإعلامية في هذا السياق.. «يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دوراً فعالاً في تقديم محتوى موثوق، وتصحيح المعلومات المغلوطة عند ظهورها. إن تعزيز الشفافية والمصداقية هو أمر أساسي لبناء الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام». استراتيجية لمواجهة الأكاذيب هيا السليمان (ماجستير قانون وباحثة في الإعلام القانوني)، تؤكد أهمية التحقق من المعلومات في العصر الرقمي، مشيرة إلى التحديات التي يواجهها المجتمع نتيجة انتشار المعلومات المغلوطة.. «في ظل تسارع وتيرة تبادل المعلومات، أصبحت الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة تعكس واقعاً يشغل بال الكثيرين. المعلومات المغلوطة تنتشر بسرعة، ما يتطلب استراتيجيات فعالة لمواجهتها». وتستند السليمان إلى دراسة من جامعة أكسفورد، أظهرت أن 80% من الأخبار المضللة تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما يبرز أهمية الوعي الجماهيري حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة.. «الأخبار الكاذبة لا تؤثر فقط على الأفراد، بل يمكن أن تؤدي إلى تدهور الثقة في المؤسسات القانونية والإعلامية. لذا، يجب أن نكون حذرين في استهلاك المعلومات». وتدعو السليمان إلى إدخال مناهج تعليمية تركز على مهارات التحقق من المعلومات في المدارس والجامعات، مشددة على ضرورة تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب.. «يجب أن نعلم الأجيال الجديدة كيفية التحقق من المصادر وتحليل البيانات بشكل فعّال. إن القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة هي مهارة أساسية في العصر الرقمي». وتؤكد أيضاً أهمية البيانات كأداة لتحليل المعلومات، مشيرة إلى أن استخدام التقنيات الحديثة يمكن أن يساعد في الكشف عن المعلومات المغلوطة.. «يجب أن تكون لدينا أدوات تحليل فعالة تساعدنا في تصنيف المعلومات والتحقق من صحتها، ما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعياً وإدراكاً». التضليل والصحة النفسية أخصائي علم النفس عمر الأسمر، يؤكد أن المعلومات المضللة تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة ستانفورد، فإن 65% من الأشخاص يشعرون بالقلق عندما يتعرضون لمعلومات غير دقيقة. يقول الأسمر: «يجب أن نكون واعين لما نشاركه ونستهلكه، لأن ذلك يؤثر على صحتنا النفسية». ويدعو الأسمر إلى تعزيز التوعية حول كيفية التعامل مع المعلومات المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع التركيز على البيانات التي تظهر العلاقة بين المعلومات المضللة والقلق. سلاح ذو حدين أخصائي علم الاجتماع ماجد الطريفي، يستعرض تأثير (الثريدات) على التفاعل الاجتماعي، فيقول: «إن منصات التواصل الاجتماعي تمثل سلاحاً ذا حدين، فبينما تعزز التواصل، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى نشر الأفكار السلبية». ووفقاً لاستطلاع أجرته جامعة كولومبيا، فإن 50% من المستخدمين يشعرون بالضغط الاجتماعي نتيجة للمعلومات المتداولة. ويدعو الطريفي إلى تعزيز النقاشات الإيجابية عبر التواصل الاجتماعي، مع استخدام البيانات لتحليل سلوك المستخدمين. ويشدد كاسب الطرقي (ماجستير تربية وباحث اتصالي)، على أهمية التعليم في عصر المعلومات.. «يجب أن نعلم الطلاب كيفية التحقق من المعلومات وتقييم المصادر. ووفقاً لدراسة من منظمة اليونسكو فإن 90% من الطلاب يفتقرون إلى مهارات التحقق من المعلومات». ويدعو الطرقي، إلى إدخال مواد تعليمية تركز على مهارات الإعلام والتواصل في المناهج الدراسية، مع استخدام البيانات لتحديد الفجوات في التعليم. مشاركات يروين تجاربهن هند الضاحي تشارك تجربتها مع المعلومات المضللة، وكيف أثرت على قراراتها اليومية، مشيرة إلى أهمية التحقق من المعلومات قبل نشرها. بينما يروي راكان العلي قصته حول كيفية تعرضه لمعلومات خاطئة عبر (الثريدات)، ما أثر على آرائه حول بعض القضايا. وتتحدث رشا الشمري عن تجربتها في تصحيح المعلومات المضللة في دوائرها الاجتماعية، في حين تشارك أسماء العبدان، رؤيتها حول تأثير (الثريدات) على الشباب والمراهقين. الأكاذيب تنتشر أسرع! الدراسات العالمية حول التضليل المعلوماتي على منصة إكس (تويتر سابقاً)، تشير إلى أن المعلومات المضللة تنتشر بسرعة أكبر من المعلومات الحقيقية، ما يعكس تأثير العوامل النفسية والتقنية مثل الخوارزميات ودور المؤثرين. في هذا السياق، تتناول الأرقام والنسب المستخلصة من أبحاث متعددة مدى انتشار هذه الظاهرة وتأثيرها المتزايد على المجتمع، ما يستدعي ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهتها. وأظهرت دراسة من جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن الأخبار الكاذبة تنتشر بنسبة 70% أكثر من الأخبار الحقيقية. ونشرت مجلة Science دراسة أظهرت أن التغريدات التي تحتوي على محتوى مثير للعواطف؛ مثل الخوف والغضب، كانت أكثر عرضة للانتشار، إذ أظهرت أن 58% من التغريدات التي أثارت العواطف انتشرت بشكل أكبر. ووفقاً لدراسة من مركز Pew Research، فإن حوالى 64% من الأمريكيين يعتقدون أن الخوارزميات التي تحدد ما يظهر في خلاصاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في نشر المعلومات المضللة. وأشارت دراسة من جامعة كولومبيا إلى أن 49% من المستخدمين يثقون في المعلومات التي يقدمها المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعزز من انتشار المعلومات المضللة إذا كانت تأتي من شخصيات معروفة.