سعود بن عبدالله، حالة متفردة في نسج القصيدة الغنائية، ينساب كالماء الرقراق بصورهِ الغارقة في التعقيد، حتى لا تكاد تتخيل اتساع المدى الذى تجاوزه إلا في لحظة إدراك للمكان الذي أخذك إليه، وتلك سمة تخصه دون سواه في قدرته على إغراقنا في شاعريته وإخراجنا منها «عَطْشَى».. في لحظات بعينها، يُظنُ أنه «يدوزن» كلماته لا يكتبها، أو أنه ملحنٌ بارع يجيد عزف الحروف ودندنة الجُمل، فيُحسب له أنه بلغ أرفع درجات المجد الشعري في كتابته للوطن في نصه الأشهر «مولد أمة»، فلا تكاد بقعة على هذا الوطن العزيز إلا وتتباهى بغزله بها وتولعه في معشوقته التي أحبها الجميع وما زالوا، منذ كان في العشرين الأولى من عمره وحتى اليوم. تأصل الشعر في روح سعود بن عبدالله، مبكراً، على أن له روحاً قاومت مرارة اليتم بجسارة، ومسؤولية تصدى لها باكراً في رعاية شؤون أسرته، فتمخض عن ذلك هذا الظهور الشعري باكراً في «مولد أمة»، الذي ما زالت مقاطعه حية ورائحة غادية بين جيل وجيل منذ 34 عاماً تقريباً. ما انكفأ الأمير سعود بن عبدالله، على يتمه ووحدته وفقدان والده، بل شكّل نسيجاً جماهيرياً في زهو أيامه وطلائع شبابه، فعانقت كلماته صوت الأرض قبل أن يشتد عوده ويتماسك قلبه برسائل حب تتهادى حتى اليوم على الأسماع. «ليلة سعود»، كانت من الأمسيات الأنيقة في مواسم الرياض، التي نُظمت بدعم مستشار هيئة الترفيه الشاعر تركي آل الشيخ، وتألقت روتانا في تنظيمها بشكل احترافي، فعلاوة على جمال الأمسية وحضورها الفني الثقيل، كانت الشهادة الشاعرية التي زكّت كل حرف كتبه فارس الليلة، وآمنت بكل دهشة خلقها عنوانها الأبرز، وهو يُزف من عمالقة الشعراء في الساحة إلى مقدمة الشعر، عريساً يملأ المساء والأجواء والغناء، ويعتلي هرم «الترند العالمي» بتفاعل مذهل وقياسي. فكما اجتمعوا لأجْله، رقصوا لأجْله وتباروا في التباهي بأناقة أغنياته وصدق تعابيره، في مشهد يعيد للذاكرة هذا الجيل في مقتبل عمره وهو يحمل ذات مشاعر الحب والانتماء للوطن والشعر والإبداع.