على امتداد الأسابيع الماضية، قامت جماعة الحوثي بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة استهدفت من خلالها سفناً تجارية، وادعت أن تلك السفن إما أنها إسرائيلية أو تتبع لرجال أعمال إسرائيليين، واعتبرت أن ما تقوم به هو دعم لحماس وهو منسجم وكونها جزءاً من (محور المقاومة) الذي تقوده إيران، هذا الأمر يمكن أن تكون له نتائج خطيرة على التجارة الدولية، خصوصاً أن 40% من حجم هذه التجارة يمر عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر. ما تقوم به جماعة الحوثي لن يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على نتائج الصراع القائم في قطاع غزة، ولكنه يهدد بشكل مباشر التجارة الدولية مما يترك آثاراً سلبية على كثير من الدول. رأس المال جبان فعندما يقوم أي طرف من الأطراف بتهديد التجارة فضلاً عن استهداف السفن، خطفها أو إغراقها، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تكاليف باهظة في التأمين يرفع تكلفة المواد الأساسية ويرفع أسعارها. الولاياتالمتحدةالأمريكية عملت على تشكيل تحالف دولي لحماية التجارة في البحر الأحمر، ولكن هذه الخطوة جاءت متأخرة للغاية بعد أن اشتد عصب جماعة الحوثي وأصبحت الاستراتيجية الدفاعية غير كافية لتحييد هذا الخطر، حتى الآن ما ظهر من معلومات أن هذا التحالف سوف يكون مدافعاً عن السفن وليس مهاجماً على مصادر إطلاق النار، لأن واشنطن تدرك أنها إذا قامت باستهداف الجماعة هذا يعني توسيع الحرب؛ من حرب ما بين حركة حماس وإسرائيل إلى حرب إقليمية ربما تستمر لفترة طويلة وسوف تكون لها تكاليفها الباهظة على المنطقة برمتها، وكذلك على الولاياتالمتحدةالأمريكية، لذلك فإن التحالف المنشود ربما لن يستطيع تحييد الأخطار بشكل كامل، خصوصاً أن ما حدث لاحقاً على تشكيل هذا التحالف هو استهداف سفينة تجارية ناقلة للنفط في المحيط الهندي وهذا يعني أنها خارج مدى سلاح جماعة الحوثي، بشكل غير رسمي في الولاياتالمتحدة تم اتهام إيران بأنها تقف وراء هذا الهجوم وكذلك فعلت إسرائيل من جهتها، طهران وعلى لسان مسؤولين في الحرس الثوري أشارت بأنها قادرة على إغلاق طرق التجارة في البحر المتوسط مما يعني أن التهديدات ربما أصبحت خارج السيطرة. الكارثة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية كما لدى الدول الأوروبية أن استجابتها للتحذيرات التي تتلقاها من دول المنطقة تكون متأخرة للغاية، وبالتالي تدفع ويدفع معها العالم أثماناً باهظة نتيجة لهذا التردد، شهدنا ذلك عندما أوصلت الدول العربية تحذيرات إلى المنظومة الغربية بأن هنالك خطراً إرهابياً يلوح في الأفق، فتم تجاهل هذه التحذيرات حتى وصل التهديد الإرهابي إلى عقر دار الدول الغربية. وها هو الأمر يتكرر مرة أخرى حيث، وعلى امتداد السنوات الماضية، تم تحذير الولاياتالمتحدةالأمريكية من أن سيطرة الجماعات والميليشيات على اليمن سوف تكون له نتائجه الكارثية، لكن الإدارة الأمريكية تجاهلت كل تلك التحذيرات وأصمت الآذان عنها، بل إن إدارة بايدن سارعت إلى تغيير استراتيجيتها من الوضع في اليمن، وها هي اليوم تبدو عاجزة عن القيام بردة فعل حقيقية تضمن مصالحها ومصالح الغرب عموماً.