ليس هذا ما اتفقنا عليه! كنتَ تقولُ: إنك ستذوي مثل شجرة، بسرعة شجرة لم تعد ترغب في الريّ! وكنتُ أقول: محمد، نحّ هذه الفزاعة الآن، دع حفلتك الأخيرة هذه لحينها! فتُسمعني: «من يُيمّن هذا الذبيح!» ولم أدر أنك قد بيّت كلماتها لتكون هي الطروق الكبرى في سَمرتك الأبدية! وكنتُ أقول: أي محمد.. يا «زايد الألم» فلنحكِ عن شيء آخر؛ الشعر والخلود، مثلاً! فتضحك من قلب، ترفع نظّارتك، بتلك الخفّة التي لا تُنسى، وتقول، مشيراً للقريب البعيد: هاه! شف الجبل! آآخ، يا صاحبي، ليلة حزمتُ حقائبي، وغادرتُ الوجوه والمرابع فكرتُ لمرة واحدة أني سبقتك! لكنه لم يخطر ببالي، ولا بال الجبال، أنك كنتَ تُقدمني لبعض الوقت أنك تعبئ جنبيك بوقود الأوجاع والاغتراب، ثم سترحل فجأة هكذا بذاك الاندفاع الرشيق، أنك ستسبق الجميع.. بتلك الخفّة الروحية، تماماً.. كما لو كنتَ ترفع نظارتك!