بعد أن أشعلت حريقاً في وزارة الخارجية الأمريكية، اعترف به وزيرها أنتوني بلينكن، طالت نار حرب غزة أروقة الكونغرس، ودبت الخلافات احتجاجاً على الدعم غير المحدود من واشنطن لتل أبيب، وعدم مطالبتها بوقف العدوان الإسرائيلي على المدنيين، فضلاً عن دعمها عسكرياً ومالياً وسياسياً. وأعلن ثلاثة من مساعدين في الكونغرس أنهم لم يعودوا يشعرون بالارتياح للبقاء صامتين على ما يدور من حرب أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين، داعين رؤساءهم إلى وقف التصعيد و إطلاق النار والإفراج عن الأسرى، بحسب ما نقلت عنهم صحيفة «نيويورك تايمز». وتعكس مظاهر الخلاف العلنية الكبيرة، وإضراب الأسبوع الماضي في مبنى الكابيتول وموجة الرسائل المفتوحة إلى المشرعين انقساماً عميقاً بين الديمقراطيين بشأن الحرب والموقف من إسرائيل. ومع احتدام النقاش السياسي المتوتر في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة وفي مجلسي الشيوخ والنواب، يتجادل المسؤولون المنتخبون حول المساعدات الطارئة لإسرائيل، وما هي الشروط التي يجب أن تأتي معها. وبحسب الصحيفة فقد وجد العديد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين ومعظمهم تحت سن 35 عاماً، أنفسهم في خلاف صارخ مع رؤسائهم وإدارة بايدن بشأن قضية تمس جوهر قيمهم، وفقاً لمقابلات مع أكثر من 10 مساعدين. وذكرت أن معظم المشرعين في كلا الحزبين السياسيين مؤيدون بشدة لإسرائيل، وعادة ما يكون هناك القليل من التسامح في الكابيتول هيل تجاه الانتقادات اللاذعة لإسرائيل، والتي يصفها بعض أعضاء الكونغرس وخاصة الجمهوريين المحافظين، بأنها معادية للسامية.ووقع المئات من الموظفين في الأسابيع القليلة الماضية على رسائل تدعو أعضاء الكونغرس إلى الموافقة على وقف إطلاق النار. وظهر العشرات في التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، بما في ذلك على بعد خطوات من البيت الأبيض، ورفع البعض لافتات كتب عليها «الكونغرس، موظفوك يطالبون بوقف إطلاق النار». وبحسب مصادر مطلعة، فإن وزير الخارجية أنتوني بلينكن يحاول التعامل مع الانتقادات المتزايدة داخل صفوف الوزارة بشأن سياسة إدارة الرئيس بايدن إزاء الحرب. ودعا مئات من موظفي الحكومة بشكل علني وفي أحاديث خاصة إلى وقف إطلاق النار في غزة. وتشير المصادر إلى وجود «إحباط عميق» بين العاملين في وزارة الخارجية. وأرسلت نحو 3 برقيات تنتقد سياسة الإدارة الأمريكية عبر «قناة المعارضة» الداخلية بالخارجية، التي تأسست خلال حرب فيتنام وتسمح للدبلوماسيين بإثارة المخاوف بشأن السياسة مع وزير الخارجية دون الكشف عن هوياتهم. وتركز الانتقادات على دعم بايدن الراسخ لإسرائيل. وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى موظفي وزارة الخارجية أقر بلينكن، الذي عاد لتوه من رحلة استغرقت 9 أيام إلى الشرق الأوسط وآسيا، بالأثر العاطفي الذي أحدثت الحرب على العاملين وبالانقسامات المحتملة داخل القيادات حول السياسة. ونقلت «رويترز» عن بلينكن قوله في الرسالة: «أعلم أن المعاناة التي سببتها هذه الأزمة بالنسبة للكثيرين منكم لها أثر كبير على المستوى الشخصي». وأضاف أن «المعاناة المصاحبة لرؤية صور يومياً للرضع والأطفال والمسنين والنساء وغيرهم من المدنيين الذين يعانون في هذه الأزمة أمر مؤلم.. وأنا شخصيا أشعر بذلك». وتأتي رسالة بلينكن وسط احتجاجات في الولاياتالمتحدة ودول أخرى تطالب بوقف إطلاق النار، كما أعلن أحد مسؤولي وزارة الخارجية استقالته بسبب معارضته لاستمرار واشنطن في تقديم مساعدات لإسرائيل.