نجحت قمة الخليج والآسيان الأولى التي انعقدت في الرياض برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكانت بمثابة منصة فريدة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة الآسيان، ناقشوا فيها سبل تعزيز الشراكة وتبادل وجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، وبكل تأكيد فإن توقيت ومكان انعقاد القمة شكل عاملا مهما في التوصل لمخرجات ونتائج طموحة وإيجابية. وفي الحقيقة اكتسبت القمة حالة من الزخم السياسي والإعلامي في منطقة جنوب شرق آسيا، ويعود ذلك إلى رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مد جسور التواصل وبناء مفاهيم التعايش ونشر ثقافة الاعتدال ومكافحة الإرهاب والتطرف بين مختلف أتباع الأديان والثقافات وتحقيق السلام والأمن الدولي، لاسيما أن دول الآسيان تتميز بالتنوع والثراء العرقي والديني والثقافي، وعلى هذا فإن إقامة أي علاقة أو شراكة أو تنسيق لاستضافة حدث إقليمي أو دولي مع الآسيان يتطلب قدرة فائقة على بلورة مفردات السلام العالمي ونهجا نوعيا في تطوير برامج ومبادرات ترسخ التسامح، ومن هذا المنطلق ومن الثقة التي توليها للدبلوماسية السعودية توجهت بوصلة «الآسيان» إلى الرياض للانتقال إلى مرحلة جديدة من التحالفات الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق مصالح مشتركة وتوثيق العلاقات والتعاون المثمر. ويرى مراقبون أن دول الآسيان التي تتمتع بأهمية إستراتيجية جذبت إليها التنافس الکبير بين القوى العالمية الكبرى تتطلع اليوم إلى الرياض ودورها المؤثر الذي يُمكن أن تلعبه في استتباب الأمن وإرساء دعائم الاستقرار وصناعة السلام في منطقتهم. كما استطاعت المملكة برؤيتها الطموحة 2030 أن تعزز من مكانتها المرموقة إقليميا ودوليا وأصبحت الرياض شريكا استراتيجيا مهما لدول جنوب شرق آسيا لاسيما مع انضمام المملكة العربية السعودية لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (TAC) في يوليو من العام الحالي. ويرى خبراء أنه مع سعي الرياض لتنفيذ مستهدفات رؤية 2030 وتنويع اقتصادها، لتعزيز مكانتها الاقتصادية عالميا، دفع قادة دول جنوب شرق آسيا لبذل جهود لتحقيق الاستفادة القصوى أيضا خلال حضورهم لقمة الخليج والآسيان لتعزيز العلاقات الثنائية، خصوصا بعد إطلاق السعودية العديد من المشاريع العالمية العملاقة، حيث قال المحلل دون ماكلين جيل الباحث في شؤون «الإندوباسيفيك» أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «ديلا ساليه» بالفلبين إنه مع التطور الذي تشهده السعودية وفق رؤية 2030 فإنه سيكون من الأهمية بمكان بالنسبة ل«مانيلا» الاستفادة من هذا التحول من خلال صياغة مجالات جديدة للتعاون مع الرياض.كما أن رئيس وزراء فيتنام فام مينه تشينه الذي وصف قمة الخليج والآسيان بأنها حدث تاريخي وعلامة فارقة في علاقات رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) ودول مجلس التعاون الخليجي، عبر كذلك خلال تصريحاته لوسائل الإعلام عن إعجابه الشديد بما تحمله مضامين رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لافتاً إلى أنها ستعزز العلاقات بين هانوي والرياض. كما صرح سفير الفيتنام في الرياض «دانغ سوان زونغ» بأنه مع إمكانات التنمية الهائلة في السعودية وفق رؤية 2030 ستتطور العلاقات الثنائية على نطاق أوسع. فيما وزارة خارجية سنغافورة كانت قد أكدت أن زيارة رئيس الوزراء السنغافوري لي هسين ستعزز العلاقات الثنائية وخصوصا على الصعيد الاستثماري واستعراض الفرص المتاحة للشركات السنغافورية في مشاريع رؤية المملكة 2030 والسوق السعودية. ويرى مراقبون تصدر رؤية 2030 في الصفقات المليارية التي تم التوقيع عليها بين الرياض ومانيلا على هامش قمة دول جنوب شرق آسيا ودول الخليج في السعودية وحضرها الرئيس الفلبيني ماركوس.