تنطلق الجمعة في العاصمة السعودية الرياض القمة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي، ودول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، وتبحث تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات. ويأتي انعقاد القمة في ظل تزايد الاهتمام والتنافس الإقليميين والدوليين من قبل القوى العظمى على منطقة جنوب شرق آسيا، نظراً لموقعها وأهميتها الجيوستراتيجية. أهمية القمة على الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية بين دول الخليج ودول جنوب شرق آسيا قائمة منذ عقود، إلا أن التعاون بين الجانبين دون الطموح، ويرى سياسيون وخبراء أن القمة في الرياض ستعطي دفعاًَ جديداً للعلاقات وتمكن دون شك من الارتقاء بالتعاون بين الجانبين إلى مستوى الشراكة. ورصدت «عكاظ» تصريحات لمراقبين وباحثين سياسيين، أكدوا أهمية قمة «الخليج والآسيان»، إذ تقول شارون سيا لي-ليان، باحث أول ومنسق بمركز دراسات آسيان، معهد يوسف إسحاق، في سنغافورة، إن القمة «ستكون علامة فارقة جديدة في التعاون بين المنظمتين». من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الفلبيني دانييل إسبيريتو: عقدنا العزم على تعميق التعاون الدبلوماسي وتكثيف الجهود والتنسيق المشترك في مختلف المجالات بين دول منطقتنا والخليج. كما جاءت تصريحات السفير الماليزي في الرياض وان زايدي عبدالله، الذي أكد ثقته بأن العمل مع الرياض يضمن نجاح القمة مما سيرتقي بالعلاقات وسيعيد تشكيل ديناميكيات العلاقات بين آسيان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. من جهته، قال جان لوب سمعان، زميل باحث أول في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، إن علاقات الخليج والآسيان دون المستوى المنشود حتى الآن، إلا أن القمة في الرياض تعد شكلا جديدا للتعاون الإقليمي بين منطقتين مهمتين للغاية في العالم، مشيراً إلى «أن تعزيز العلاقات القائمة بين الجانبين سيلبي المصالح طويلة الأجل لكلا المنطقتين». حضور بارز لقادة دول جنوب شرق آسيا وقبيل انطلاق القمة رسميا، أكد عدد من قادة وزعماء دول جنوب شرق آسيا حضورهم القمة في الرياض، من بينهم الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، وسلطان بروناي دار السلام السلطان حاج حسن البلقيه، ورئيس الفلبين فرديناند ماركوس جونيور، ورئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ، ورئيس وزراء تايلند سريثا تافيسين، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، ورئيس الوزراء الكمبودي هون مانيه، ورئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه. «الآسيان» والتطلع إلى دول الخليج استقطب تسارع تعاون دول جنوب شرق آسيا مع دول الخليج قدراً كبيراً من الاهتمام في الدوائر السياسية الإعلامية ومراكز الدراسات، ولفت مختصون في شؤون الآسيان إلى أن دول جنوب شرق آسيا تطلع الآن إلى تعاون أكبر مع دول الخليج، إذ يقول جوزيف ليو، عميد كلية العلوم الإنسانية الاجتماعية بجامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة، إن قمة «الرياض والآسيان» تجسد نهج دول جنوب شرق آسيا التي تسعى للحفاظ على تعاون وثيق ومفيد مع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الأهداف والأغراض المشابهة، واستكشاف جميع السبل الممكنة لتعاون أوثق معها. وقد اكتسبت العلاقات بين المنطقتين زخماً وتشهد تطورا وفاعلية ملحوظة، إذ وقعت جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على وثيقة الانضمام لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). ويرجع التواصل الأول بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة جنوب شرق آسيا إلى عام 1990، ومنذ ذلك الحين اتفق الجانبان على عقد لقاءات سنوية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما عُقد الاجتماع الوزاري المشترك الأول للحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون ورابطة الآسيان بمدينة المنامة في مايو 2009، وتم توقيع مذكرة التفاهم للتعاون بين الأمانتين على هامش الاجتماع. كما عُقد الاجتماع الوزاري الثاني للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون ودول رابطة الآسيان يومي 31 مايو و1 يونيو 2010م في سنغافورة، وأقرّ الاجتماع خطة العمل التي شملت المجالات الاقتصادية والثقافية. وتنفيذاً للخطة، شُكلت 6 فرق عمل متخصصة في مجالات الاقتصاد والتجارة، والاستثمار الزراعي والأمن الغذائي، والتعليم، والسياحة، والطاقة، والثقافة، والإعلام. وعقد الاجتماع الوزاري الثالث بين مجلس التعاون ورابطة الآسيان في المنامة في 26 نوفمبر 2013. أبرز الملفات التي سيناقشها القادة في قمة الخليج والآسيان يرى مراقبون أن هناك العديد من الملفات التي تنتظر قادة وزعماء المنطقتين في قمة الرياض، منها: العمل على ضمان مرونة سلاسل الإمداد، والأمن الغذائي، ودعم فرص الاستثمار وزيادة التبادل التجاري. وترى الباحثة السياسية شارون سيا لي-ليان، أنه من المتوقع أن تسلط القمة الضوء على أهمية تعميق التعاون في مجال الطاقة وسيبحث فيها قادة المنطقتين سبل التقليل من الانبعاثات الكربونية ومناقشة سبل دفع علاقات التعاون في تطوير مصادر وتقنيات الطاقة الخضراء والمتجددة، وزيادة التعاون في المجالات المصرفية، وتطوير معايير شهادات منتجات الحلال. ومن المتوقع أيضا إثارة القضايا الإقليمية والدولية مثل التطورات في الشرق الأوسط لاسيما في غزة خلال القمة. وأضافت أنه من المتوقع أن تتبنى قمة الخليج والآسيان، المزمع انعقادها في 20 أكتوبر الجاري، خطة عمل للفترة من 2024 إلى 2028، بشأن مزيد من التعاون في المجالات ذات الأولوية.