أكد الأديب الإعلامي محمد رضا نصرالله في الندوة التكريمية؛ التي نظمها مجمع اللغة العربية في مكةالمكرمة بمشاركة الدكتورين صالح زياد وحسن النعمي وأدارها الدكتور أحمد آل مريع عن الأديب الراحل محمد علوان، أنّ علاقته بعلوان علاقة زمالة وصداقة حميمة. وأضاف نصرالله: «إنّ اسم محمد علوان كان لامعاً، نتيجة ما ينشره في جريدة الرياض من قصص تعنى بالغرائبية والأسطورية، مما شجّع عبدالله الماجد على تبني نشرها في كتاب «الخبز والصمت»؛ الذي قدّم له الكاتب يحيى حقي»، مؤكداً أنّ نصوص علوان كانت تلقى حفاوةً من الوسط الأدبي؛ لذلك لمع اسمه بأسلوبه المائز، إذ كان يختلف عن سابقيه، ورغم شهرته في وقتها إلاّ أنّه كان على درجة كبيرة من التواضع، ولم تجعله تحية الناقد الكبير يحيى حقي يحلق بعيداً عن جاذبية الواقع الاجتماعي والأدبي، فكانت قصصه تحمل أجواء الريف العسيري الجميل بأقاصيصه الأسطورية، وأحسب أن علوان كما الطيب صالح هما من رواد الواقعية السحرية قبل أن يشاع هذا المصطلح في وسطنا الأدبي! ولفت نصرالله إلى أنّ دهشته من أجواء القصص التي كان يكتبها محمد علوان شدته لزيارة عسير في وقتها، وأخذه علوان ضيفاً عليه، وقابل والده علي علوان الأديب الذواقة وهناك جال على بعض المواقع كالعثريان وغيره. المكان والمرأة في قصص علوان فيما تناول الناقد الدكتور حسن النعمي في ورقته، تجارب علوان التي نوّع فيها بين موضوعين أثيرين هما المكان والمرأة، بدءاً من مجموعته الأولى (الخبز والصمت) ومروراً بسلسلة أعماله الأخرى (الحكاية تبدأ هكذا)، و(دامسة)، و(تهلل)، وغيرها. مشيراً إلى أن اللافت للانتباه في تجربة محمد علوان القصصية أنه ظل مواكباً للأجيال التي جاءت بعده، متطوراً، ومستشرفاً لآفاق فنية متجددة. فمن تجاربه الأخيرة قصة طويلة بعنوان (موز ريدة) فيها نفس روائي ممتد، وكأنه يرتاد تجربة جديدة يعبر فيها عن فضاء أوسع وحركة ممتدة من الأحداث والشخوص، وعدّ مجموعة (دامسة) تمثل تطوراً نوعياً في مسيرة محمد علوان السردية، استخدم فيها آليات السرد بوعي متقدم من خلال بحثه عن صيغ للتعبير عن الإنسان في خصوصيته التاريخية والاجتماعية. وأضاف: تصور قصة دامسة المرأة بوصفها شخصية تبحث عن الرجل الذي ينقذها عندما تدخل في حوار خفيض مع أول رجل تنعته بأنه «خبل جميل»، وتعكس هذه المفارقة خشية المرأة من مغامرة الرجل في سياق يقلل من فرص اللقاء. غير أن الرجل في القصة يسقط في خيبته وتردده، فرغم أنه قد تولّه بدامسة، إلا أنه قد عجز أن يخطو خارج هواجسه، مؤكداً أنّ النظر لقصة دامسة ضمن سياق سردي يجعل من المكان سلطة عليا، فيما مثلت علاقة الرجل بالمرأة بُعداً واقعياً سواء في خصوصية المكان أو تاريخية الحدث؛ الذي يستدعي ماضياً ما، يُكتشف عبر قانون اللغة الخاص بكل الأبعاد الإشارة التي تحرص على نفي آنية الحدث، لكنها لا تحرم المتلقي من البحث عن إسقاطات تستمد وجودها من أرضية القص وجو اللغة وفضاء الدلالة العريض. مشيراً لفضاء سيكولوجية العلاقة بين الطرفين في قصة (دامسة)، وانهزام الرجل، في القصة ذاتها، أمام نفسه وأمام مجتمعه ما جعل من المرأة فنتازيا تقترب من ميتافيزيقية الجن. فدامسة ليست إلا ذاكرة البطل المغلقة، والمضطربة أمام جلال المغيب. غوص في اليومي والعادي استهل الدكتور صالح زياد الغامدي ورقته غير المكتوبة بعبارة مأخوذة من نصّ قصصي لمحمد علوان «أبطيت يا ذا الريع ما جا معك ناس» مؤكداً أنّ هذه العبارة الشعرية باللغة المحكية تتلفظ بها جدة الراوي في إحدى قصص محمد علوان؛ التي تغوص في اليومي والعادي وتخلق دهشتها الفلسفية والاجتماعية والسيكولوجية، إذ تعبّر عن الانتظار الذي لا نهاية له، والانتظار هو ثيمة مع الحيرة والحصار والاغتراب التي تؤلف أبرز ثيمات قصص محمد علوان. وأضاف: الانتظار هنا يتمازج مع معاني الشوق والالتياع والشهوة الجسدية والسؤال الذي لا إجابة له ويتماس مع القلق والاغتراب التي تحفل بها قصص الراحل محمد علوان، مشيراً إلى أنّ ثيمات محمد علوان لا تنفصل عن شخصياته التي يؤلفها بطريقة معينة، تعبّر عن الحيرة، وتثير الأسئلة، واستشهد على ذلك بيمامة عمياء، وإشارة المرور وهاتف، إضافة إلى الشخصيات وتخليقها بهذه الطريقة العابقة بالذكرى والانتظار والسؤال، وأنها لا تنفصل عن الأماكن التي يخلقها محمد علوان، لافتاً إلى أنّ الاغتراب عند محمد علوان اغتراب وجودي وليس اجتماعياً فقط، وأكد أنّ هناك قراءة قولبت محمد علوان وحصرته في ذاكرة القرية وهذه قراءة مناطقية وربما نقول إنها أيديولوجية يسارية لأنها تتخذ من القرية نموذجاً ضد المدينة وربما تكون نوعاً من الحنين، وهذه القولبة التي تصطنع لمحمد علوان تحجم إبداعه، علوان يتكلم عن القرية فيتكلم عن الاستغلال كما يتحدث عن المدينة وعن مسائل لا تخص مجتمعنا لوحده بل كونية وعالمية وإنسانية ومن الظلم حصره محلياً ومناطقياً. حضور أسري لافتشهدت الندوة التكريمية للأديب الراحل محمد علوان حضور أسرته اللافت، ومشاركة أبنائه وبناته في كلمات مؤثرة، إضافة إلى مشاركة العديد من أصدقائه وبعض زملاء العمل، كما حظيت الندوة بمتابعة المهتمين، وحضور ما يزيد على مئة مستمع لهذه الندوة التي عززها حضور المشرف على نشاط مجمع اللغة العربية الثقافي في مكةالمكرمة الدكتور محمد سعيد ربيع الغامدي.