كنت مرافقاً للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في زيارته الميمونة لدولة أثيوبيا، التقى فيها كبار مسؤولي أثيوبيا، والقيادات الإسلامية وعلماء المسلمين، والقيادات الدينية المختلفة تعزيزاً للحوار مع الآخر، ومد جسور المحبة والأخوة بين الجميع. وقد كانت هناك مفاجأة مبهجة اعتبرت الثمرة الكبرى لهذه الزيارة، ألا وهي إعلان الدكتور العيسى عن قيام الرابطة بتشييد مسجد النجاشي في قلب أديس أببا. المسجد الذي انتظره المسلمون قروناً من الزمن؛ يأتي ملبياً لتطلعات المسلمين في جميع أنحاء المعمورة؛ فهو يجسد للجميع تاريخاً مضيئاً من التاريخ الإسلامي، ويسلط الضوء على أول هجرتين للمسلمين لأرض الحبشة، ويلقي إشعاعاً ناصعاً على الملك العادل النجاشي الذي لا يظلم عنده أحد، كما قال صلى الله عليه وسلم، وليبرز لنا تاريخ كبار الصحابة الذين ارتبطوا بهذا الحدث التاريخي الهام؛ منهم: بلال بن رباح، أم أيمن الحبشية، عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جعفر بن أبي طالب، عمار بن ياسر، عمرو بن العاص، أم سلمة وزوجها، ورملة بنت أبي سفيان، رضي الله عنهم أجمعين، بل سيجسد لنا حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي، في أروع صوره، وأنقى معانيه. سيكون للمسجد أثر كبير في التاريخ الحاضر والمستقبل، بل سيكون أحد المعالم التاريخية والثقافية والدينية والسياحية في أديس أببا. وأعتقد بأنه سيُعد له افتتاح عالي المستوى، يليق بمكانة الملك أصحمة بن أبجر النجاشي، أول ملك اعتنق الإسلام، وأول ملك يؤوي ويكرم ويحمي صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأول ملك يتولى تزويج الصحابية المهاجرة رملة بنت أبي سفيان -رضي الله عنها- برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأول ملك يصلي عليه الرسول صلى الله عليه صلاة الغائب. أخيراً.. هنيئاً للأمين العام للرابطة هذا الإنجاز التاريخي الكبير، وأسأل الله العلي القدير أن يكتب ذلك في ميزان حسناته، وأن يثيبه على مجهوداته التي يقدمها في جميع أنحاء العالم، وعلى جميع المستويات ومع مختلف شرائح المجتمعات.