قيل: «المتذوق جوهر الأبوة يأخذ ثمار رحلته ويبدأ مره أخرى إلى جانب طفله، ويسير خطوة بخطوة على الطريق القديم».. (أنجلو باتري)، وأقول: هناك سلوكيات رقابية غير سوية صادرة من بعض الآباء بدافع الحب تحت مسمى «الأبوة المفرطة»، عواقبها سلبية على الأبناء.. إذن؛ كيف يمكن منح الأبناء مساحة للتصرف دون إزعاج ومراقبة وسيطرة دائمة؟ وما تأثيرات «التربية الهليكوبترية» شديدة الحِراسة على الأبناء؟ •• •• •• حين يلاحق الخوف الآباء فيترصدون أبناءهم كجندي خفارة أسفل عنوان «الآخر الكبير يراقبك»؛ يتشوه أمام الأبناء المنظور الحقيقي لعنصر (الرقابة).. وعندما يتجسس الأب أو الأم على ابنهما للسيطرة لا أكثر؛ لن يستطيع الابن النفاذ إلى مناحي الحياة، فيتخندق تحت جلده.. أما الطفل الذي تتحوَّل علاقته بأهله وأصدقائه وزملائه؛ فسيفقد ارتباطه بذاته، لتمر يومياته بلغة سرِّية لن يستطيع، حينئذٍ، فك شفرتها. •• •• •• بين بكاء طفلة غلبتها دموعها وتقاطعت شهقاتها، وتذمر من الحياة لطفل تقشَّف لسانه عن الكلام؛ سلاسل تُكبِّل فكر جيل وتعطله.. وبين قدرة غليظة القسوة لأب، وعين شرسة المراقبة لأم؛ يصاب الجيل القادم باللامبالاة والتلف الدائم لضعفه على مواجهة تلك الجهامة.. وبين بيت أصبح سجناً يُمجِّد الفظاظة، وأبناء تحولوا إلى حيطان خرساء؛ يأتي ذلك النداء لابن مكبوت فيصرخ بكل حباله الصوتية. •• •• •• في حبال «خشونة أبوية» تشد عنق الأبناء؛ هناك صافرات خوف لجيل متوقف لا يستطيع النهوض إلا أن يعرج بأطراف مبتورة.. ومن أراد أن يُحسّن ابنه التخاطب البشري دون خجل أو تردد؛ فليوفر له الفرح الحقيقي بحياة هادئةً هانئةً بالمشاعر الأصيلة.. ومن يمنح أولاده متنفساً في دنيا وحياة مختنقة؛ سيرى إبداعهم حين يفضون بكارة محاراتهم لإخراج ما لديهم من لآلئ مخبأة. •• •• •• وعند كلام «علي الطنطاوي»: «التربية هي غرس العادات النافعة والصرف عن العادات الضارة»؛ تأكيد أنها -أي التربية- تهذيب للطباع الإنسانية.. وأولئك المربون المراوغون لألم الحياة الذين لا يسمعون دقات قلوب أبنائهم؛ طاب لهم المُقام ببناء القصور على رقاب حدائق الورد.. فإذا كان الأبوان لأبنائهما كريش نعام فسيشعرون بدفئهما، وحين يوقدان لهم جذور الرحمة سيكونان لهم كحمامة ترفرف بجناحيها على فراخها.