يعيش كثير من الآباء فور تلقيهم خبر "المولود الجديد" حالات من القلق والتفكير، فهم مشتتون بين البقاء مع زوجاتهم، وبين التردد في تقديم طلب إجازة من جهة أعمالهم!. وتحتاج الزوجة في خضم معاناتها وآلامها إلى من يقف بجانبها ويدعمها نفسياً وجسدياً، بل ويحمل عنها القليل من العناء، كما أن الزوج يؤدي دوراً جاداً منذ ولادة ابنه، من خلال انشغاله بإنهاء إجراءات المستشفى، التي قد تستغرق وقتاً طويلاً، ثم تسجيل اسم المولود واستخراج شهادة الميلاد، فضلا عن توفير مستلزمات الولادة وتبعاتها. وتتحمل الزوجة قبل الولادة وبعدها أعباء كثيرة فوق طاقتها، نتيجة غياب أو انشغال الأب، وهو ما يُحتم وجود الرجل بجوار شريكة حياته، الأمر الذي يعزز أسلوب التعاون الأسري، وبما أن المرأة العاملة تتمتع بإجازة الأمومة «10 أسابيع» فإنه من الضروري منح الرجل "إجازة أبوّة" ولمدة ثلاثة أيام؛ لاستعادة دوره المفقود كأب مسؤول عن أهله وأبنائه منذ ولادتهم، خاصة أن هناك من يُجبر على أخذ إجازة من عمله، وربما لا يسمح له رصيده بذلك، ما يجعله مشتتاً بين أجواء الوظيفة، وفرحة المولود الجديد. الأب يحتاج إلى إجازة حتى يعيش فرحة المولود الجديد "الرياض" تطرح الموضوع وتناقشه، فكان هذا التحقيق. حق مشروع في البداية قال "سلطان التميمي": إنه من المهم وجود "إجازة أبوة" أسوة بكثير من دول العالم؛ حتى لا يقع العبأ على الأم وحدها، مضيفاً أن توفر الرعاية الكاملة في الأسابيع الأولى من الولادة، سينشئ جيل محاط بأكبر قدر من الحب من الأبوين، مشيراً إلى أن نظرة الرجل الشرقي ستتغيّر لمفهوم التربية الأُسرية في حال تم إقرار تلك الإجازة. ويصف "عبدالله الزيد" فكرة "إجازة الأبوة" أنها حق مشروع للزوجة والابن قبل الزوج نفسه، فذلك سيعيد التوازن في أداء الأدوار بين الوالدين، ويعيد الحياة والدفء للأسرة بعودة الأب مرة أخرى، مضيفاً أن الأب سيتذكّر كيف فوّت لحظة استقبال مولوده الأول، إذ لم يسمح له نظام عمله بالجلوس طويلاً معه، مؤكداً أن رعاية الطفل والمساهمة في تربيته هي أدوار منوّطة للأب والأم معاً، فحال الأسرة لا يصلح بأداء الأم فقط لدورها، أو الأب لدوره، بل بأدائهما للدورين معاً، لافتاً إلى أنه إذا تخلى أي منهما عن دوره ونفض يده من المسؤولية انهارت الأسرة وانحرفت عن مسارها. أحمد المالكي أعيدوا النظر وأوضح "الزيد" أنه أصبح من حق الرجل التمتع ب "إجازة الأبوة"، حتى وإن بدت الفكرة غريبة لدى البعض، إلاّ أنها جديرة بالنظر فيها ومناقشتها، مبيناً أن هذه الإجازة أقرّتها بعض الدول؛ ليشارك الرجل بدوره في تربية ابنه، كحق للآباء وللأمهات على حد سواء. وقال "أحمد جمعان المالكي" - محامي ومستشار قانون - إن نظام الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية وكذلك نظام العمل والعمّال، لم يُقرر إجازة الأبوّة للموظف الذي يرزق بمولود، على الرغم من وجود بعض القوانين التي تُقرر مثل هذا الحق، مضيفاً أنه في إحدى دول الخليج صدر قرار منح الموظف الذي يرزق بمولود داخل الدولة إجازة أبوة مدفوعة الراتب لمدة ثلاثة أيام متصلة خلال الشهر الأول من الولادة، كما أنه في إحدى دول أوروبا يُعطى الموظف "إجازة أبوة" تمتد إلى شهر كامل؛ لمساعدة زوجته في تحمل مسؤولية تربية الطفل. مواءمة الظروف وأوضح "المالكي" أن على الموظف في القطاع العام أو القطاع الخاص التوفيق بين ظروفه الخاصة وبين ما هو ملائم له من إجازات، فالموظف العام لديه إجازة عادية سنوية، وكذلك إجازات استثنائية على طول العام، مضيفاً أن على الموظف المواءمة بينها وبين ما يطرأ له من ظروف قد تُعطل سير الوظيفة العامة، حتى لا يضطر إلى الغياب ومن ثم التأثير في أدائه الوظيفي، وكذلك الحال للموظف في القطاع الخاص الذي يقرر له نظام العمل والعمال إجازة سنوية يستطيع التمتع بها في أي وقت، داعياً وزارتي العمل والخدمة المدنية إلى دراسة منح الموظف "إجازة أبوّة"، مراعاةً لظروفه الشخصية، وكذلك متطلبات تسجيل الأبناء في الأحوال المدنية، التي تتطلب في بعض المناطق أكثر من يومين، فضلا عن متابعة الحالة الصحية لزوجته، في ظل صعوبة الحصول على مواعيد في المستشفيات الحكومية.