تجربة العملاء (CX)، هي ناتج التفاعل والتواصل بين المنشأة والعميل خلال رحلته الكاملة؛ بدءاً من التسويق وانتهاء بخدمات البيع.. وكل ما يحدث بينهما. هي ليست الإجراءات المتخذة لتيسير أمور العميل فقط، ولكنها قياس (مشاعر) العميل. أي أنها تجيب عن سؤال: (ما هو شعور العميل أثناء رحلته في التعامل مع المنشأة؟). وبناء عليه، يتم تعديل الأنظمة لضمان أن يشعر العميل في نهاية الأمر ب(السعادة). الوصول لهذا الشعور هو الغاية التي من أجلها أنشئ مفهوم (تجربة العملاء).. ومن أجلها تُنفق الشركات الكبرى والصغرى ميزانيات عالية.. وتتخذ قرارات سريعة وواضحة لتطويع كل نقطة اتصال بين العميل والمنشأة.. لتحقيقها. فهم المنشأة لمتطلبات واحتياجات العميل هو ما يصنع تجربة عميل ناجحة. ومصطلح (ناجحة) يعني الشعور ب(تقدير الخدمة واستحسان جودتها). في عالم الشركات، تجربة العميل تعني صناعة عميل دائم يدفع المال مقابل منتجات المنشأة؛ سواء المنتجات الحالية أو المستقبلية. حيث يشير علم (سلوك المستهلك) إلى أن نسبة (80%)، أو أكثر، من المنتجات الجديدة (.. يشتريها العملاء الحاليون). ولهذا، تنظر الشركات إلى تجربة العملاء على أنها أكثر أهمية من المنتجات ذاتها. نجاح هذه التجربة يعتمد على ثلاثة محاور أساسية: أولاً، المراقبة اللصيقة للعميل لمعرفة رحلته وفهمها. ثانياً، إعادة هيكلة ثقافة المنشأة بناء على آلية (التحسينات الذكية). ثالثاً، مشاركة فعلية من كل فرد في المنشأة - بدءاً من القادة وصولاً للخط الأمامي - في مفهوم قياس تجربة العميل؛ على مستوى الرحلة كاملة وليس على مستوى رضاه عن كل مرحلة. تجربة العملاء، رغم أهميتها، إلا أن الشركات تقوم بها على مضض. فهي عملية قاسية ومرهقة.. ولكنها، في النهاية، مطلب من أجل البقاء والمنافسة.. والمكسب. على الجانب الآخر، في المنشآت الحكومية، لا يُنظر لتجربة العميل بجدية.. بل لا ترى تلك المنشآت ضرورة التجربة على الإطلاق. فتعامل المنشأة مع العميل مبني على مصطلحين: (مشكلة - حل).. العميل لديه مشكلة والمنشأة ستقوم بمحاولة حلها في وقت مقبول؛ على أفضل تقدير.. بغض النظر عن رحلته، وبالتأكيد، بعيداً عن مشاعر الرضا أو التذمر المواكبة للرحلة. من هنا، لدينا في المملكة العربية السعودية تجربة مبتكرة.. بدأتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في إنشاء وكالة (تجربة المستفيد). هذه الخطوة المتفردة ليست عادية على مستوى العالم، وهي بالتأكيد ليست عادية على مستوى العالم العربي، هي تحقيق واضح ل(جودة الحياة) في رؤية 2030؛ خصوصاً الهدف الفرعي (تحسين أداء الجهاز الحكومي) والهدف التفصيلي (الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين). إنشاء وكالة (تجربة المستفيد) يعني الرغبة في تحقيق (جودة الحياة) من منظور الوزارة في أسرع وقت ممكن. ببساطة، تعني: (نحن لا نحل مشاكلك فقط، ولكن، أيضاً مشاعرك.. تؤخذ في الاعتبار). وبالفعل، رغم حداثة الوكالة، إلا أنها حصدت المستوى الخامس في تقييم المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية (أداء) في مجال إدارة تجربة العميل عام 2021. وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تقدّم خدماتها لقطاعات عدة محورية: العمل، والتنمية الاجتماعية، والموارد البشرية.. وكلها مناطق ذات حساسية عالية؛ لأنها تتعلق ب(جودة الحياة). ورغم ذلك، هي تتعامل مع كل تلك القطاعات المستفيدة ب(شفافية) لفهم المناطق الواضحة والرمادية.. لتطوير الأداء والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لهم بما يلبي تطلعاتهم ويحقق رضاهم.. وسعادتهم. الصورة أصبحت واضحة تماماً: الهدف ليس المكسب المادي - فالوزارة ليست قطاعاً ربحياً - ولكنه (الإبداع في الإنجاز). وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تتعامل مع مهامها بكل جدية، وتضع تحديات كسر الأرقام العالمية نصب عينيها، وتعمل على صناعة مفهوم جديد في كافة الدوائر الحكومية، ليتحول من: حل مشكلة، أو إغلاق معاملة، أو إنجاز مهمة في أقصر وقت - كما هو مأمول - إلى تجربة يعيشها المستفيد، ويشارك في رسم سياساتها، وتحسينها وزيادة سلاستها بهدف الخروج برحلة فريدة ومميزة.