أقبل يتهادى قاصدًا مسجد الميقات، وهو يحمل بين يديه نياته البيضاء، وتسبقه سنواته التي شارفت على السبعين، وابتسامته التي تعلو محياه بكل وقار، لمحه أبطال التطوع الصحي من الممارسين والممارسات؛ الذين نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن، فتقدموا نحوه آخذين بيده ليجلسوه على ذلك الكرسي الأبيض، وهم يبادلونه الابتسامة والدعاء، وهو يرد عليهم بمثلها، ويقلب ناظريه بينهم في فخر وزهو. لم تمضِ لحظات إلا وباشر الشاب في أخذ قراءاته الحيوية الأولية في الوقت؛ الذي قام الآخر بتسجيل بياناته الشخصية في حين سارع الثالث إلى مناولته قنينة ماء باردة تخفف عنه شيئاً من التعب وحرارة الطقس. كان هذا المشهد جزءاً من عمل شباب وشابات التطوع الصحي ومهماتهم اليومية؛ التي يقومون بها على مدار الساعة عند مسجد ميقات السيل الكبير على طريق مكة - الطائف السريع، الذين يبلغ عددهم 106 ممارسين وممارسات صحيات يتواجدون في هذا المركز؛ متطوعين بوقتهم وجهدهم في خدمة ضيوف الرحمن، حيث يقدمون، بكل رحابة صدر، الاستشارات الطبية والتوعية الصحية للحجاج القادمين للإحرام من هذا الميقات. ويتبع هؤلاء الشباب والشابات لإدارة المشاركة المجتمعية في مديرية الشؤون الصحية بالطائف، وبدؤوا عملهم في المركز منذ الأول من شهر ذي الحجة، وهم مستمرون حتى اليوم التاسع منه. وتمكن الأبطال منذ بدء عملهم في الكشف على 780 حاجاً وحاجة، حيث اكتشفوا من خلال الكشف المبكر حالتي سكَّر مبكر، في حين جرى تحويل حالتين طارئتين الى المركز الصحي، ومن ثم الى المستشفيات التخصصية التي باشرت تلك الحالات فوراً. كما يقوم أبطال التطوع الصحي بجهد كبير في توعية الحجاج بواسطة توزيع الباركود الخاص؛ الذي يحتوي على مجموعة كبيرة من الإرشادات الصحية والتوعوية بكافة اللغات، وهو ما أسهم في توعية أكثر من 46 ألف حاج استقبلوا تلك التوجيهات التوعوية في حافلاتهم الخاصة أثناء مرورهم وتوقفهم في الميقات، كما قام التطوع الصحي بتوزيع أكثر من 10 آلاف مظلة مقدمة من القطاع الخاص للحجاج.