أفكر أنْ أكونَ وحيداً أن أموت وحيداً كنَسْر لا يريد أن ينعيه أحد. لا أحب قراءة صفحات التعازي والتمنِّيات بالصبر والسلوان ولا أحب أن يكون اسمي هناك. * * * لا أفكرُ في الموتِ على سرير، ولا على نقَّالة المستشفى.. لا أحب أن أسمع الطبيب وهو يتحدث عني بحسرته المزيفة: «وصل متأخراً». * * * أفكر أن أموت بداخل لوحة لفان جوخ، وأكون واحداً من ألوانها.. أن أتلاشى كرسالة نصَّية لم يستلمها أحد، أن أذوب كقطعة سكَّر في فم طفل حرَمَه الجوع من التفكير في الحلوى.. لا أفكر أن يُخَبَّأ جسدي في قبرٍ تفضحُ شاهِدَتُهُ أمري.. أريد أن أغدو مائدة مجانية لمخالب الطيور، ولا بأس أن يكتب طلَّاب الطب واجباتهم على هذه المائدة. * * * سأتناثر في شرايين الحياة، وسأمنح المحتاجين للأعضاء فاكهة لذيذة لأعيش بداخلهم أكثر من حياة وسأعيش أكثر مما تحلم به ديدان المقابر.