عقول المحتالين لا تنفك في البحث عن كل وسيلة للربح المحرم حتى في ادعاء المصائب، فابتكروا حوادث مرورية لخداع مراكز تقدير تعويضات حوادث المركبات، وشركات التأمين. وكشفت تقارير صدرت في السنوات الأخيرة عن أكثر من 25 ألف حالة احتيال بقيمة تتجاوز 50 مليون ريال، ما دفع شركة نجم إلى تطوير آليات التدقيق والتحقيق عند معاينة الحوادث. ومن أبرز طرق التحايل تبديل السائق مرتكب الحادث بآخر مؤمن عليه، والتزوير في وصف الحقائق والوقائع، استعمال السيارة في غير الغرض المبين في وثيقة التأمين كالاستعمال التجاري، افتعال حادث وهمي وكذا افتعال حوادث سرقة وغرق وحريق وخلافها. ومن أساليب الاحتيال؛ التي تم الكشف عنها، التضخيم والمبالغة في تقييم الأضرار مقارنة بقيمة الأضرار الحقيقية بغرض الحصول على مبالغ دون إصلاح المركبة وتعمد إحداث الأضرار والتلفيات في السيارة المؤمن عليها. ومن الطرق الاحتيالية المطالبة بتعويض الأضرار الموجودة مسبقاً أو الناتجة عن حادثٍ فردي كالارتطام بجسم ثابت، إذ كشفت المعاملات التأمينية قيام متحايلين بقيادة المركبة بسرعة والارتطام بأجسام ثابتة أو السقوط من مرتفعات؛ ليلحق الضرر بالمركبة وبنفسه لأجل أن تتلف المركبة ويطالب شركة التأمين أن توفر له مركبة جديدة حسب سياسات التأمين الشامل. ومن الطرق والأساليب أيضاً تعمُّد آخرين الاصطدام بمركبة الطرف المؤمن للحصول على التعويض، ما دفع الكثيرين إلى استخدام أحدث أسلوب لتأمين السيارة (كاميرا داش كام) التي تسهم في منع التحايل. كما تختلف أساليب الاحتيال، إذ يعمد البعض إلى التحايل على المقيمين في المراكز، عبر زيادة الضرر في المركبة؛ ليصبح من حادث بسيط إلى حادث أكبر؛ من تغيير قطع المركبة السليمة بأخرى مصدومة ليزيد مبالغ التعويض. إخفاء حقائق جوهرية أكدت النيابة العامة أن استبدال السائق مرتكب الحادث يوجب المساءلة الجزائية بغرامة قدرها 10 آلاف ريال. وبين المستشار القانوني سيف الحكمي «أن التحايل على التأمين هو أي عمل أو حادث متعمّد للمركبة أو تحريف أو إخفاء مستندات المطالبة أو تقديم معلومات مغلوطة بشكل متعمد من حامل بطاقة تأمين المركبات أو طرف ثالث أو مقدم خدمات إصلاح، بهدف الحصول على تعويضات أو منافع غير مستحقة لهم أو لغيرهم. ومن أشكال الاحتيال في تأمين المركبات استعمال المركبة لحادث مفتعل غير صحيح، وتبديل السائق المتسبب في الحادث بشخص تنطبق عليه شروط الوثيقة». وأضاف الحكمي أنه من المخالفات التي قد يرتكبها المحتال إخفاء معلومات وحقائق جوهرية تغير مجرى التحقيق في الحادث، والإبلاغ عن سرقة وهمية للمركبة وهي لم تحدث، إحداث أضرار وتلفيات في المركبة بشكل متعمد؛ مثل الحرق أو صدمها بجسم ثابت، تزوير مستندات رسمية وتقارير وتقديمها ضمن المطالبة للحصول على تعويض غير مستحق. وشدد الحكمي على أن تلك المخالفات تستوجب الحرمان من الخصومات المعتمدة لخلو سجل السائق من الحوادث، ورفض التعويض المبني على مستندات مزورة، بالإضافة إلى إلغاء وثيقة التأمين والحرمان من التغطية التأمينية ومن القسط المتبقي، ناهيك عن اتخاذ الإجراءات لفرض عقوبات قانونية من جهات الاختصاص. 100 مليون احتيال مثل هذه الممارسات أسهمت؛ وفق شركات التأمين، في تسجيل خسائر لها ما استدعى ارتفاع أسعار تأمين السيارات لمواجهة الخسائر؛ وفق تأكيدات خبراء التأمين. وأكد المتحدث باسم شركات التأمين عادل عيسى، أن سبب ارتفاع تكلفة التأمين على السيارات، يعود إلى تزايد الحوادث المرورية التي تجاوزت 1.6 مليون حادث في عام 2022، فضلاً عن ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات وتكاليف الورش والتوكيلات. وكشف أن ارتفاع أسعار تأمين المركبات يعود لأسباب عدة؛ أهمها ارتفاع الحوادث وزيادة أسعار قطع غيار السيارات بصورة حادة، إضافة إلى زيادة تكاليف مقدمي الخدمة، مثل الورش والوكالات، إلى جانب حالات الاحتيال في الحوادث التي تزيد من المطالبات المالية. وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة نجم، أن الحوادث التي شهدت شبهات احتيال تجاوزت تقديراتها 600 مليون ريال، مؤكداً أن الشركة رصدت عدداً من حالات الاحتيال، وصلت تقديراتها إلى 100 مليون ريال. حالة اشتباه أكد الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الجعيد، أن الإجراء المتبع في حال الاشتباه في أي حادث مروري هو سؤال صاحب المركبة، كما أن تقرير محققي الحوادث الميداني يستدعي إحالة التحقيق إلى الإدارة العامة للمرور، إذ توجد هناك لجنة خاصة للاحتيالات، بالتعاون بين المرور والهيئة، إضافة إلى شركة نجم، وتضم اللجنة نخبة من المحققين أصحاب الخبرة الذين باستطاعتهم كشف حقيقة الحادث، وقد تتم الاستعانة بخبراء لمعاينة المركبة وتحديد ما إذا كان الحادث حديثاً أو قديماً، وما إذا كانت القطع الموجودة والمصدومة جديدة أو تالفة. «بودي كام» لضبط الجودة عمدت «نجم» إلى تزويد طواقمها الميدانية بكاميرات مراقبة توضع على ملابس مباشري الحوادث؛ لتسجيل الوقائع؛ من أجل رفع معايير الجودة والخدمات، وحفظ حقوق جميع الأطراف. وأكدت (نجم) أنه تم تدشين خدمة التوثيق الميدانية (Body Cam)؛ التي تهدف إلى رفع معايير وجودة خدمات وإجراءات معاينة الحوادث، وحفظ الحقوق لجميع الأطراف.