لا يدّخر مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) جهداً في إرساء قواعد الإبداع وتعزيزه، إيماناً بوصفه لغة العصر، والكلِم الذي يُرَسم به خريطة المستقبل للوطن عبر سواعد أبنائه، فجاءت مبادرة «الشرقية تُبدع» التي أبصرت النور عام 2020 لتستكمل مشواراً مليئاً بالشغف والإلهام، عبر نوافذ الإبداع، فالتشاركية بين الجهات نهج سارت عليه، ومد جسور التواصل بين القطاعين العام والخاص شكّل تحولات لمحركات الاقتصاد الإبداعي منذ الانطلاقة الأولى للمبادرة وحتى يومنا هذا. يكمن اهتمام وتفعيل «إثراء» لمثل هذه المبادرات بالنظر لأهمية الاقتصاد الإبداعي، كونه مصدراً للتحول الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، وعاملاً مساعداً في خلق فرص العمل، حيث تظهر البيانات وفقاً لتقديرات اليونيسكو أنّ القطاع الإبداعي من القطاعات الأكثر نمواً في الاقتصاد العالمي، وسبيل إلى توفير 30 مليون وظيفة. الانطلاقة الأولى خطوة ألف ميل تبدأ بخطوة، عندما بادر المركز بفتح باب التسجيل إيذاناً ببدء المشاركات المجتمعية عام 2020، مُعرفاً لها بالمبادرة الإبداعية الثقافية الحضارية، وتزامن تنظيمها مع إطلاق موسم تنوين الإبداعي، سعياً إلى جعل المنطقة الشرقية الوجهة الأولى للإبداع على مستوى المملكة العربية السعودية، فكانت دعوة المجتمع بمشاركة أعمالهم الثقافية والفنّية والحضارية عبر مسارات 3 هي: مسار البرامج الذي يدعو إلى تقديم مجسّمات إبداعية، وتأليف محتوى، وإرشاد ثقافي، وتطوير موقع، علاوةً على تحديات مختلفة تسهم في إشعال جذوة الإبداع، بينما سُخر المسار الثاني للإنتاج بتقديم المشاركين لتصميم منتجات ملموسة، ومما يبدو لافتاً أن المسار الثالث حول التعليم جاء لتقديم ورش عمل، أو فكرة غير ملموسة، مع العديد من الندوات الافتراضية يصاحبها مواد تعليمية؛ لتفعيلها عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال الوسم #الشرقية_تُبدع. امتداد جغرافي وعلى الامتداد الطويل لرحلة «الشرقية تُبدع»، استهدفت النسخة الأولى كلاً من الدمام، الخبر، الأحساء، القطيف، بقيق، الجبيل، حفر الباطن، النعيرية والخفجي، شارك فيها أكثر من 66 جهة حكومية وخاصة، كما اكتست بمشاركة 50 معلماً ومعلمة من القطاع التعليمي، إلى جانب عدد من الجامعات والكليات والأكاديميات والمعاهد التدريبية والمنصات الاجتماعية بهدف تطوير 10 مجالات إبداعية متنوعة وهي: التواصل، تصميم المنتجات، صناعة المحتوى، الأنشطة التفاعلية، إضافة إلى الفنون والتصوير والاقتصاد الإبداعي، إلى جانب الأزياء والحِرف، العِمارة وتصميم الطعام، حيث حرصت المجالات المشاركة على تفعيل التنوع الإبداعي لدى أفراد المجتمع، وخلق بيئة محفزة مليئة بالتجارب والأنشطة المتنوعة، لاستكشاف حِرف ومهارات فريدة تُسهم في صناعة حديثة مبتكرة، وبالتالي كانت البداية نحو انطلاقة ملفتة للنسخة الثانية عام 2022 إذ احتفت بمشاركة أكثر من 100 جهة تعليمية وفنّية وثقافية واقتصادية، بما يفوق 200 منتجاً إبداعياً فريداً على مستوى محافظات ومدن المنطقة الشرقية، وصفت آنذاك رئيسة أمناء مجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية حرم أمير المنطقة الشرقية الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي آل سعود المبادرة بأنها استباقية، وأضافت «تتبلور المنطقة الشرقية في حاضرنا اليوم عن إبداعنا وتميزنا عبر مركز "إثراء" واكتشافه للإبداع والمساهمة في تهيئة البيئة المحفزة المكتشفة. محتوى إبداعي أطلّت المبادرة في نسختيها السابقتين بإقبال كبير عبر شراكات مع القطاع التعليمي، إلى جانب عدد من الجامعات والمعاهد التدريبية وبأكثر من 300 مشاركة إبداعية، خرجت عن الطابع التقليدي الاعتيادي إلى إطار ذات عمق إبداعي؛ لتبحر نحو الابتكار والتميز لاسيما أنها تختزل أعمالاً متنوّعة ممزوجة بالفنّ والثقافة تنهض بمسارات الاقتصاد المعرفي وتنشيطه، تحقيقاً لرؤية المبادرة التي لطالما تسعى إلى ترسيخ منابت المحتوى الإبداعي. رعاية كريمة تحلّق مبادرة «الشرقية تُبدع» هذا العام بنسختها الثالثة بدءاً من 5 - 23 ربيع الآخر 1444 الموافق (30 أكتوبر - 18 نوفمبر 2022) برعاية كريمة من أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز تزامنت مع أكبر حدث إبداعي في المملكة وهو موسم تنوين الإبداعي بنسخته الخامسة، بطموح أكبر وانتشار أوسع على مستوى المنطقة الشرقية. تجمع مبادرة هذا العام أكثر من 250 جهة من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحيّة، عبر مسارات الإنتاج والتعليم والبرامج، لمشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل دعم الطاقات الشبابية الهائلة واستثمارها مع توفير الفرص لها، ومد جسور التواصل مع ذوي الأفكار المبتكرة من خلال 10 مجالات إبداعية وهي: الاقتصاد الإبداعي، الأزياء والحرف، العِمارة، تصميم الطعام، التواصل، تصميم المنتجات، صناعة المحتوى إلى جانب لأنشطة التفاعلية. 500 فعاليّة في 10 مدن تضمنت الورش التدريبية والجلسات الحوارية في مجالات الثقافة والفنون والمسرح والموسيقى والعلوم والهندسة والرياضة والطهي. إضافة لمعارض فنيّة وإبداعية متنوعة كما وصل التفاعل والمشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من 4 ملايين تفاعل. تسلسل زمني عند الوقوف على تاريخ التسلسل الزمني للمبادرة، وقراءة صفحاتها الإبداعية، يلفت انتباه المشاركين بها والمتتبعين لها الأهداف الذي سبق أن وضعتها؛ لرسم خارطة طريق لجذور الإبداع منذ بزوغه حتى سطوعه، وفقاً لرأي العديد من الجهات التي تشارك سنويّاً في المبادرة، إذ تبيّن لهم أن العمل بعناصر متنوّعة يعيد صياغته بتصاميم تختزل إبداع البشرية.