أشار 7 من كل 10 من المشاركين في استطلاع رأي في المملكة العربية السعودية إلى أن التغيرات المناخية العالمية تعتبر أزمة خطيرة، حيث يعتقد المشاركون بأنه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة خلال السنوات الخمس القادمة للتخفيف من تداعيات تغير المناخ وتأمين مستقبل أكثر استدامة. جاء ذلك وفقًا لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية العالمية «كيرني»، والتي تكشف عن نظرة المقيمين في المملكة تجاه مبادرات الاستدامة. وتأتي الدراسة قبل انطلاق مؤتمر الأممالمتحدة المعني بتغيّر المناخ بنسخته ال 27 في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث تستحوذ قضية تغير المناخ على الاهتمام العالمي. ومن ضمن المحاور الرئيسية التي سيناقشها المؤتمر، الدور الذي ينبغي أن يقوم به المجتمع العالمي لتعزيز المصالح الوطنية والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ العالمية، تحت شعار «معًا من أجل التنفيذ» لحماية مستقبل العالم. وبحسب النتائج التي توصلت إليها الدراسة، يعتقد غالبية سكان المملكة بأن مواجهة تداعيات تغير المناخ ستترك آثارها الإيجابية على القضايا الثقافية والاجتماعية العالمية، حيث أشار 81% من المشاركين إلى أن تغير المناخ يؤثر إلى حد بعيد على سبل عيش الناس في مختلف بلدان العالم. في حين أكد 68% منهم أنه يمكن تصحيح الاختلالات الاجتماعية إلى درجة معينة من خلال اتخاذ الدول لإجراءات جماعية في مكافحة مشكلة التغير المناخي. إلى ذلك قال موريسيو زوازوا، الشريك في كيرني الشرق الأوسط: «أولت دول منطقة الشرق الأوسط موضوع الاستدامة اهتمامًا كبيرًا في العقد الماضي، وبذلت دول المنطقة جهودًا ملحوظة في التحول بعيدًا عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للطاقة من خلال استثمارها في المزيد من مصادر الطاقة المتجددة. لقد رأينا كيف دخلت بعض المبادرات الإستراتيجية كمبادرة المملكة العربية السعودية للحياد المناخي 2060 ومبادرة الإمارات للحياد المناخي 2050 حيز التنفيذ لمكافحة تغير المناخ على مستوى الدولتين، فضلًا عن إطلاقهما العديد من مبادرات الطاقة النظيفة. ومع استضافة مؤتمر الأممالمتحدة المعني بتغيّر المناخ بنسختيه 27 و28 في كل من مصر والإمارات بالترتيب، نتوقع أن تشهد المنطقة مزيدًا من الاستثمارات العالمية، والتي بدورها ستسهم في تسريع التنمية المستدامة». يذكر أن مبادرة المملكة العربية السعودية الإستراتيجية للحياد المناخي 2060 تعد محركًا وطنيًا يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي بحلول 2060. كما أشارت الدراسة إلى أن 43% من المشاركين يعتقدون بأن الدولة تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الحياد المناخي، بينما أكد 63% منهم أهمية دور الشركات في تحقيق هذا الهدف. في حين يعتقد 64% بأن الشركات تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لإبطاء التغير المناخي، ويرى 61% منهم ضرورة اعتماد التقنيات الجديدة للتخفيف من أزمة تغير المناخ. وتابع زوازوا بالقول: «في الماضي، كانت الشركات التجارية تعمل بمحصلة واحدة، ولكن اليوم تحتاج إلى إعادة التفكير في إستراتيجياتها وتطبيق المفهوم الثلاثي للمحصلة. وأضاف يجب أن يستفيد الناس والكوكب على حد سواء من النمو المستدام، وللوصول إلى ذلك لا بد من تنفيذ التكامل التكنولوجي عبر سلسلة القيمة. ومن خلال الاستثمار واعتماد التقنيات الجديدة كالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، حيث يمكن للشركات أن تتوصل إلى حلول مبتكرة للتخفيف من تأثيرها على البيئة وتصبح أكثر استدامة، كما سيكون ذلك هو مفتاحها لاكتساب ثقة المستهلكين.» كما جاءت نتائج الاستطلاع في ما يتعلق بدور الأفراد في الحد من تغير المناخ على النحو الآتي: أشار 61% من المشاركين إلى أهمية المساهمات الفردية في دعم أهداف الاستدامة الوطنية. في حين أعلن 63% منهم عن استعدادهم لإجراء تغييرات في أسلوب حياتهم في محاولة لإبطاء تغير المناخ. بينما قال 59% بأنهم يفضلون الشركات التي تطبق ممارسات وبروتوكولات جوهرية في مجالات البيئة الاجتماعية والحوكمة مثل المنتجات المستدامة، والشهادات الخضراء، والتقارير الشفافة عن الانبعاثات الكربونية. وأبدى 51% من المشاركين استعدادهم لدفع مبلغ بسيط مقابل المنتجات التي تراعي شروط الاستدامة، وكان ذلك شعورًا سائدًا بين جميع الفئات التي شملها الاستطلاع. أما بالنسبة للعيش على نحو مستدام، فقد كشف الاستطلاع بأن 63% من المشاركين سيكونون أكثر ميلًا للعيش بشكل مستدام إذا شجعتهم الحكومات على ذلك من خلال تنفيذها لقواعد أكثر صرامة تتعلق بالانبعاثات الكربونية من السيارات، واستخدام البلاستيك، ووضع العلامات الخضراء على السلع البيضاء، وتعديل الأجهزة القديمة وما إلى ذلك. ولضمان أن يكون هناك جيل أكثر ميلًا نحو البيئة، يعتقد 63% من المشاركين بضرورة غرس الوعي لدى الأفراد بأهمية تأثير تغير المناخ على المجتمعات منذ سن مبكرة، على حسب ما أشار إليه التقرير. واختتم بالقول: مع اعتبار الحياد المناخي كأحد الأهداف الرئيسية، فإن تغيير سلوكيات المجتمع في ما يتعلق بتقليل البصمة البيئية، فضلًا عن دور الحكومات والشركات في تحسين الاستدامة بدءًا من التصميم ووصولًا إلى الإنتاج، والاستخدام، والتجميع، إعادة استخدام المنتجات والمواد، يعد أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التزاماتنا الوطنية والدولية المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية، والوصول إلى جودة حياة عالية ومستدامة وعلى وجه الخصوص في المدن. ومن بين الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لتحقيق الحياد الكربوني في الدولة، كان إطلاقها للعديد من المبادرات التي تسعى على استخدام مصادر متنوعة من الطاقة كتخزين الكربون والاستفادة منه، الاستفادة من الهيدروجين الأخضر والأزرق، فضلًا عن تحسين كفاءة الطاقة حيث تتمتع المملكة بإمكانات هائلة في هذا المجال. لذا فإن اعتماد مثل هذه اللوائح الصارمة في جميع أنحاء الدولة والمنطقة يعتبر أمرًا أساسيًا لبناء مستقبل أكثر استدامة.