على خطى حزب «ديمقراطيو السويد» اليميني المتطرف الذي حقق مكاسب كبيرة في الانتخابات السويدية الأخيرة، فاز حزب زعيمة أكثر الأحزاب الإيطالية تطرفا منذ عهد موسوليني الذي تقوده جورجيا ميلوني بالانتخابات التشريعية التي جرت أمس (الأحد). وبذلك ستتاح لحزب «فراتيلي ديتاليا» وتعود جذوره إلى الفاشية الجديدة فرصة حكم إيطاليا للمرة الأولى منذ عام 1945. وفرَضَ حزب «أخوة إيطاليا» نفسه بديلا رئيسيا واستطاع القفز من نسبة 4.3% قبل أربع سنوات إلى نحو ربع الأصوات (بين 22 و26%)، وفق استطلاعات الخروج من مكاتب الاقتراع ليُصبح الحزب المتصدر في البلاد.وأعلنت ميلوني المعجبة بالزعيم الفاشي بينيتو موسوليني أنها ستقود الحكومة القادمة. وقالت في تغريدة على تويتر: «إن أوروبا قلقة لرؤية ميلوني في الحكومة، انتهى العيد.. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية».ورغم هذا الفوز يعتقد المراقبون أن أمام ميلوني تحديات كبيرة في طريقة التعاطي التعامل مع الحلفاء أمثال سيلفيو برلوسكوني أو ماتيو سالفيني، ويرون أن أي ائتلاف حكومي معهما لن يستمر طويلا في دولة تفتقر إلى الاستقرار الحكومي بشكل عام.ويشكل تسارع تقدم اليمين المتطرف زلزالا حقيقيا ليس في إيطاليا فقط باعتبارها الدول المؤسسة لأوروبا وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، بل في الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر للتعامل مع سياسيّة مقربة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.وهكذا وخلال وقت قصير تمكنت ميلوني من وضع حزبها في الصدارة وطرحه كقوة سياسية، في وقتٍ كانت الأحزاب الأخرى تؤيد حكومة الوحدة الوطنية بزعامة ماريو دراغي.وسوف تتولى الحكومة الجديدة المنبثقة عن الانتخابات مهماتها اعتبارا من نهاية شهر أكتوبر القادم، لكن ثمة ملفات وعقبات في طريقها: أبرزها: ملف المهاجرين والحدود، إذ سيؤدي وصول ميلوني إلى السلطة إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنويا عشرات آلاف المهاجرين، ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية.مواجهة الأزمة الناجمة عن الارتفاع الحاد في الأسعار فيما تصل ديون البلاد إلى نحو 150% من إجمالي ناتجها المحلي، وهي أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان. ومن ثم فإنها بحاجة لاستمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي.وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن التحرك أمام ميلوني يبدو محدودا جدا على الصعيد الاقتصادي ومن ثم السياسي على ضوء الأزمة الاقتصادية والمعيشية الطاحنة التي تواجه أوروبا بعد أزمة وباء كورونا والتداعيات الكارثية للحرب الروسية الأوكرانية.وعلى طريقة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن، تخلت ميلوني عن مشروعها بالخروج من اليورو لكنها تطالب بمراجعة قواعد ميثاق الاستقرار المعلقة بسبب الأزمة الصحية والتي تحدد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها ب3% و60% على التوالي من إجمالي ناتجها المحلي.