جدل كبير يثيره فيلم مصري من بطولة منى زكي اقتبس من فيلم إيطالي، ووصل الأمر لمطالب في البرلمان المصري بحجب عرضه على منصة «نيتفليكس» التلفزيونية الرقمية بسبب مخالفته للكثير من قيم المجتمع المصري ! فعليا لا أحد يملك فرض معايير بثه ونشره على «نيتفليكس»، ولن تجدي الاحتجاجات في وقف عرض الفيلم لأن منصات العرض الغربية تعمل وفق معاييرها الخاصة التي لا تكترث لثقافات الشعوب أو احتجاجات الحكومات، ولنا في قضية فيلم «الخالدون» الذي رفضت الشركة المنتجة حذف بعض مقاطعه المثيرة للجدل مقابل عرضه في دور السينما في العديد من الدول العربية ! الدعاية التي حصل عليها الفيلم بسبب الاحتجاجات أكبر مما حلم به المسوقون، وسيشاهده بسبب هذا الصخب أضعاف من كانوا سيشاهدونه في الأحوال العادية، وبالتالي يكون التجاهل أحيانا أجدى من إثارة الزوابع اللافتة للانتباه حوله، وقيل قديما أميتوا الباطل بالسكوت عنه ! البعض يرى أن طاقة الاحتجاجات يجب أن توجه لمعالجة المشكلات الاجتماعية التي تحتويها الأفلام والمسلسلات، فالسلبيات حقيقة وواقع في مجتمعاتنا المحافظة والاحتجاج على عرضها لن يخفي وجودها، وبرأيي أن الواجب أن نحصن مجتمعنا بتعزيز وعيه بهذه السلبيات وآثارها المدمرة، بدلا من إنكار وجودها أو غض الطرف عنها وكأنه لا وجود لها ! وفي عصر سقطت فيه أسوار البيوت واخترقت جدران الغرف وأُزيلت الأبواب والنوافذ بسبب وسائل التواصل الحديثة باتت الوسيلة الوحيدة للدفاع عن القيم هي بتحصين العقول وتنويرها وتمكين الأجيال من استشعار الفطرة السوية والتمييز بين الصح والخطأ ! باختصار.. سقطت سلطة الرقيب وسلاح المقص، لكن السلطة الحقيقية تبقى في يد المربي وسلاح الوعي !