وأخيرا انتصرت السينما الجريئة في معركتها التي دامت عامين ضد مقص الرقيب وبدأ عرض فيلم (بحب السيما) الذي اثيرت حوله علامات استفهام لكونه فيلما روائيا عن حياة اسرة مصرية قبطية. وملخص القول ان الجدل انتهى حول فيلم (بحب السيما) بعرضه. وبعيدا عن المخزونات الثلاثة يطرح الفيلم من جديد قضية ظهور الاقباط على الشاشة بعد ان كانوا يشكون من عدم الظهور أو الظهور الهامشي، ومن طريقة معالجة مشاكلهم على الشاشة. بأقل خسائر وافقت الرقابة على المصنفات الفنية على عرض فيلم (بحب السيما) لمحمود حميدة وليلى علوي، والذي يتناول حياة اسرة مسيحية يحب طفلها السينما لكن تزمت الاب والام يحول دون ان يذهب هذاالطفل حتى الى السينما لمشاهدة الافلام التي يحبها! الفيلم عرض فعلا في 35 نسخة بعد حذف جملة واحدة من الحوار على لسان البطلة. كان الفيلم قد شهد جدلا واسعا في الاوساط الفنية، بسبب موضوعه الذي لم تتطرق اليه السينما من قبل، وكان قد بدأ تصويره قبل ثلاث سنوات وتعطل استكماله عامين لمشاكل انتاجية، ولكن المشاكل الاخطر حدثت عندما عرض على مهرجان القاهرة قبل عامين للاشتراك في المسابقة، لكن ادارة المهرجان تخوفت من موضوعه. شاهدت لجنة رقابية الفيلم واعترضت عليه رقيبة مسيحية وانصرفت دون ان تستكمله مما اثارمخاوف الرقابة من غضب مسيحي على هذا الفيلم، فقرر د. مدكور ثابت مدير الرقابة تشكيل لجنة عليا من مثقفين وسينمائيين ونقاد لمشاهدة الفيلم لابداء الرأي فيه. المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق شاهد الفيلم وكان ضمن 13 شخصا حضروا الجلسة الاخيرة التي عقدت بالمجلس الاعلى للثقافة لتقرير مصير الفيلم ووافقت على عرضه. منهم د. جابر عصفور ود. مدكور ثابت ود. اسامة الغزالي حرب، ود. هدى بدران، ود. نبيل لوقا بباوي، وانضم الى الجلسة كل من المخرج اسامة فوزي والمؤلف هاني فوزي واسعاد يونس، ودارت المناقشات حتى استقر رأي النخبة على عرض الفيلم مع بعض التعديلات الطفيفة لكن البنية الاساسية للفيلم بقيت كما هي. ويضيف: والاهم في هذا الامر ان اللجنة كانت عند موقف محدد وهي تعتبر ان المساس بهذاالعمل تحت وطأة الخوف من ردود الافعال تعتبره امرا مرفوضا على الاطلاق. وعن فيلم (بحب السيما) يقول الدكتور يونان: هذا الفيلم مختلف عن الاعمال الفنية الاخرى التي تناولت الاسرةالمسيحية.اعتبره بداية حقيقية لظهور الاسرة المسيحية بشكل واقعي وطبيعي على الشاشة. مخرج الفيلم اسامة فوزي يرى ان المسيحيين لم يعتادوا مشاهدة انفسهم بشكل حقيقي على الشاشة وهذا هو سر خوفهم وتشككهم وتحفظهم. ويقول: فيلمي بسيط للغاية لايمس الدين في شيء بل يتعرض لحياة اسرة مسيحية تعيش مفردات حياتها اليومية مثلها مثل أي انسان يعيش على ارض مصر وكل من شاهد الفيلم يرى انه فيلم جديد وليس فيه اساءة. منتج الفيلم هاني جرجس فوزي يقول: الهوس الذي احاط فيلم (بحب السيما) ليس سببه التعرض لاسرة مسيحية، بل السبب هو شائعة اطلقها احد من شاهدوا الفيلم ان لدى عرضه على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قبل عامين. المخرج داود عبدالسيد يقول: المشكلة ان السينما اعتادت تقديم الاقباط بالصورة التي يرتضيها الاقباط وحدهم، وكما يريدونها شخصية ملائكية مثالية، وكأنه ليس من بين الاقباط الشريف والمثقف والطيب والكذاب واللص، كأي انسان، فانا ضد تجميل الصورة المسيحية في السينما وانجاز للصور الواقعية وانا كقبطي يسعدني ظهور المسيحيين في السينما بصورة حقيقية لاخيالية!. السيناريست مجدي صابر قدم نموذجا للاسرة المسيحية يعكس الخير والشر والسلبيات والايجابيات في مسلسل (حرس سلاح). البطل مسيحي يلعب الدور يسري مصطفى انسان عادي لايهمه أي شيء في الحياة سوى الاموال وعلى النقيض كانت زوجته، ويقول: هذا التوازن مطلوب على الاقل في هذه الفترة الى ان تزداد الاعمال التي تتحدث بشكل متوازن وموضوعي عن الاقباط وفي هذه الحالة يمكن الكتابة عن الشخصية المسيحية بشكل واقعي بكل سلبياتها وايجابياتها. ويقول: انا لا أدعي ان الاقباط ملائكة. هم بشر يصيبون ويخطئون، لكن يجب على العمل الفني الذي يتناول صورة الاسرة القبطية ان يتناولها باعتبارها اسرة مصرية داخل كل مكان في مصر بغض النظر عن ديانتها أو ملتها. السيناريست عاطف بشاي يقول: مع الاسف البعض سواء من المسلمين والمسيحيين اصبح يستخدم الدين للتستر على كثير من العورات، فما هي المشكلة ان يقال ان هناك قبطيا منحرفا هذا ليس معناه ان الدين المسيحي معيب. اما الكاتب اسامة انور عكاشة قدم الشخصية المسيحية في عدد من المسلسلات التي كتبها للتلفزيون مثل: الشهد والدموع، وليالي الحلمية، وأميرة عابدين، وضمير أبله حكمت، وغيرها باعتبارها كما يقول شخصية من دم ولحم تشكل نسيجا حقيقيا في المجتمع المصري مثلها مثل الشخصيات المسلمة تماما.