لم تخْلُ قضية المواطن خالد العتيبي، الذي اعتقلته السلطات الفرنسية في مطار باريس تعسفاً، من إجراءات تعقيدية لم تُراعِ أدنى أبجديات التعاطي مع حالات الاشتباه فضلا عن عدم ثبوت أي تهمة بحقه رغم وضوح الأمر، وتأكيد سلامة موقفه منذ البداية. تفاصيل كثيرة، كشفها العتيبي في تصريح خص به «عكاظ» (تنشره «عكاظ» صوتيا)، إذ أفاد بأن قصته ابتدأت منذ اشتباه الشرطية في المطار به عند تدقيقها بجوازه وتحققها من المعلومات في شاشة الجهاز أمامها، ليتم اقتياده إلى مكانٍ جانبي لتفتيشيه، مؤكدا لهم أنه لا يملك شيئا يدعو للارتياب، وبعد ذلك أرسلوه إلى قسم الشرطة في المطار. وقال ل«عكاظ»: «كان معي زميلي عبدالله الدويش، وطلب عناصر الشرطة مني عدم استخدام جوالي، وأخذته وتواصلت مع زميلي وطلبت منه إبلاغ السفارة أو توكيل محامٍ، وبعدها طلبوا هاتفي الجوال وأعطيتهم إياه، واقتادوني للتحقيق، وأفدتهم بأني لا أتحدث الفرنسية، وعرضت عليهم أن أتحدث بالعربية أو الإنجليزية حتى أتدارك وقتي لأتمكن من اللحاق برحلتي، إلا أن الأمر استغرق وقتا طويلا، وأحضروا مترجمة ومحامية، وأخبروني بأنني مشتبه بالقضية». وأضاف العتيبي: «أخبروني بعد ذلك بأنني متهم بقضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، ووطالبوني بالتوقيع على الكلام المكتوب، فقلت لهم أنا لا أوقع على أي شيء ولن أتحدث بأي أمر حول ذلك إلا بحضور السفارة ووجود محامٍ لي، ولن أوقع على الكلام المكتوب لأنني لا أقرأ الفرنسية». واستطرد: «بعدها أجلسوني في غرفة الانتظار للشرطة، وأدخلوني في غرفة قذرة، وانتظرت طويلا، وحينها وجدت زميلي قادما وطرق الباب ففتحوا له، فبادرته بالحديث فورا طالبا منه التواصل مع السفارة لأن الموضوع أخذ منحى أكبر وتجاوز الحد ولا أملك هاتف جوال أو أي شيء، فأخذ أغراضه وحقيبته وخرج، وتواصل مع السفارة التي تجاوبت ووصلت إلى قسم الشرطة في المطار، إلا أنهم بعد ذلك اقتادوني إلى قسم آخر للشرطة بجانب المطار ولم يحددوا لي مكانه وموقعه ولم يكن جوالي معي في حينها». وسرد خالد العتيبي ل«عكاظ» تفاصيل أخرى بقوله: «في القسم الآخر أدخلوني في حبس انفرادي بغرفة ودورة مياه قذرتين لا يمكن المكوث فيها، وبعدها أخذوني وكنت مقيدا وحذائي غير موثق الرباط ولم أتمكن من السير بسهولة، فكانوا يضربون قدمي ويضحكون وكنت في موضع سخرية». وواصل حديثه بقوله: «قبل ذلك حين اعتقلوني في المطار أحسست بالإهانة لي كشخص وبشر لأني مقيد من الخلف وقدماي مقيدتان ولا أستطيع السير، وآثرت أن أتحلى بالصبر والصمت، وألا أتحدث بأي أمر وألا أتدخل بأي أحد منهم، وحاولت قدر المستطاع أن أقلل الاحتكاك بالكلام معهم وألا أتحدث بأي طريقة دنيئة، وحينها لم أكن أعلم شيئا عن السبب أو القضية ولم تكن لدي أي معلومات حول ذلك». وعن ملابسات التحقيق في القسم الآخر، قال: «أجبروني على الصعود سيرا لدورين لاستجوابي من قِبَل المحقق، والمتعب في الأمر أنهم كانوا ينزلونني مرة للأسفل، وبعد 5 دقايق يأخذونني للأعلى مجددا، فبادرتهم بالقول: إذا أنتم تقولون إنني لست مجرما إذن سأبقى هنا لديكم وخذوا ما تريدون، وردوا علي بأن هذه الإجراءات يتم اتخاذها مع جميع الفرنسيين أيضا». وفي ما يخص الاسم، قال: «أنا اسمي خالد واسم والدي مختلف، والشخص الآخر المقصود اسم والده مختلف كليا، ولا أريد أن أفصح عن اسم والدي، كما أن يوم ميلادي مختلف، والصورة مختلفة، وهناك علامات في الوجه مختلفة، ولون بشرتي أفتح من الشخص الآخر، كما أن هناك اختلافات واضحة وضوح الشمس، ولكن كل ما في الأمر أن هناك تمييزا عنصريا واضحا جدا، وطلبت منهم أن يعرضوا علي صورة الشخص الذي يقصدونه، فأروني إياها، وقلت لهم هذا شخص مختلف عني، ورغم أن الصورة مطموسة إلا أنه لا يوجد تشابه بيننا، وطلبت الصورة الأصل، لأن كل شيء مختلف والتشابه فقط في الاسمين الأول والأخير، ولا يوجد أي تطابق لا في الوجه أو تاريخ الميلاد أو اسم الأب أو اسم الجد أو أي شيء آخر». وفي محاولة منه للتواصل قال: «عرضتُ عليهم أن أظهر لهم جوازي القديم ليتأكدوا من هويتي، وطلبت جوالي لأكسب فرصة التواصل، وأرسلت فورا لزميلي الذي بادرني منبها بألا أتحدث عن أي أمر؛ لأنهم يريدون أن يُدخلوني في تهمة القضية، وطلب مني إرسال موقعي فورا، فأرسلت له، وحدثني مندوب من السفارة وطلب مني إرسال موقعي أيضا وأرسلته، وفورا وصل فريق من السفارة إلا أنه لم يُسمح لهم بمقابلتي، وكان المحققون لا يتحدثون معي ولا يتجاوبون أبدا، واقتادوني بعد ذلك من غرفة الحجز الانفرادي إلى غرفة التحقيق بفاصل زجاجي، ولم تكن فيها تهوية، وكان الجو باردا ولم أتمكن من النوم، وكل ما حاولت أن أنام وجدت عناصر الأمن أمامي». واختتم العتيبي تصريحه إلى «عكاظ» بقوله: «بعد لحظات من إرسال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالإخلاء والإفراج الفوري عني غادرت خلال ساعة، ووجدت زميلي وأحد منسوبي السفارة ينتظرانني، بعد أن مكثت في الحجز والتحقيق لأكثر من يوم لفترة امتدت ل30 ساعة، ثم خرجت، وكل ما كنت أريده أن أعود لمنزلي وأرتاح وأنام، إضافة إلى رؤيتي لوالدي ووالدتي فذلك يساوي لدي الدنيا كلها».