حقد غير مبرر تجاه السعودية خصوصا، والدول الخليجية عموما من المثقفين العرب. أقصد بالمثقف هنا من يُطلق عليه مثقفاً سواء كان مفكراً، أو كاتباً أو شاعراً أو فناناً أو سياسياً يدعي الثقافة. تعميمي هنا مقصود، فنحن نشاهد هؤلاء المثقفين المصابين بالمتلازمة يمارسون عنصريتهم في شمال الوطن العربي ووسطه وشرقه وغربه، بل حتى بين مثقفي المهجر الذين حملوا أحقادهم معهم حيث حلوا. ولأن ظاهرة الحقد بهذه الشمولية، أصبح التعميم ضرورة لكشف هذا القبح الذي يلوث عقول المثقفين ويظهر بين الفينة والأخرى في طروحاتهم أو أشعارهم أو من خلال المقابلات معهم أو في مواقعهم على الإعلام الرقمي. إنها عنصرية بغيضة تلوث ما يحملونه من فكرٍ أو إبداع. هذا التعميم لا ينفي وجود مثقفين كُثر منصفين في طرحهم وفي نقدهم، ثناؤهم له رصيدٌ من الواقع يبرر ذلك الثناء، ونقدهم له شواهد في الواقع تعطيهم حق تناول السلبيات بالنقد والتشريح. حاولت أن أقف على المبررات والأسباب لهذا السلوك العنصري لدى المثقف العربي فوجدت أربعة أسباب مهمة: الأول: الجهل الطاغي الذي يعد من أسوأ أنواع الجهل، إذ لا يدرك المثقف جهله بحقيقة المجتمع الذي يحقد عليه ويمارس عنصريته ضده، فكثيرٌ من المثقفين ما زال يحمل الصورة النمطية السلبية عن المواطن السعودي والخليجي التي تماثل تلك النمطية التي يحملها الغرب عن العرب عامة، كما نراها في أفلامهم، نمطية تشكلت بناء على فرضيات خاطئة أو نقولات قديمة أو تجارب شخصية، أو سلوكيات مجتمعية عفا عليها الزمن، أو أنها مرفوضة في ذات المجتمع الموصوم بها. الثاني: الحسد حيث إن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو التطور على عدة أصعدة مقابل تقهقر دول أولئك المثقفين، مما اضطر كثيراً منهم للهجرة بحثاً عن عيش كريم خارج أوطانهم. في مقابل تلك الهجرة القسرية للمثقفين يتهافت الناس على دول الخليج من كل أنحاء الأرض طلبا للرزق والعيش الكريم. الثالث: بعض الكتاب لا يزال موروثه السابق سواءً كان شيوعيا أو ناصريا أو بعثيا أو إسلامويا، هو الذي يملي عليه تصوره عن السعودية ودول الخليج؛ لهذا تجده دائما يقف في صف عدو الدول الخليجية سواء كان العدو بعثيا أو حوثياً أو غير ذلك. الرابع: محاولة ابتزاز المثقف للأنظمة الخليجية بحثاً عن الجزرة المعهودة «كريبتو جزر». وهذا الصنف رغم كثرتهم إلا أنهم مكشوفون للجميع، وقد كانت سجلات القذافي مليئة بقوائمهم. تجاوزت الحديث عن المرتزقة الذين يتلونون في طرحهم المتناقض حسب ريح العطاء، وكذلك تجاوزت عمن ينطلق من منطلقات طائفية أو عقدية لأن هؤلاء أقل من أن يستحقوا التناول. قد يتحجج أصحاب متلازمة العنصرية والحقد بغياب الديموقراطية في بعض دول الخليج كمبرر لطرحهم العنصري، لكنها حجة واهية، إذ لم تشفع ديموقراطية الكويت للكويت عندهم، كما أن بلدانهم تفتقد للديموقراطية التي يتغنون بها، بل إن سلوكهم ذاتهم يتنافى مع السلوك الديموقراطي في أطروحاتهم أو من خلال أدائهم في المؤسسات الثقافية التي تولوا إدارتها، أو على حساباتهم في منصات الإعلام الحديث، حيث يمارسون الحظر بلا تحفظ لكل من خالفهم الرأي. يبقى السؤال المهم هل نرى بين مثقفي العالم العربي حركة تحرر من تلك الأحقاد، وهل لديهم الشجاعة للإقرار والتخلي عن عنصريتهم التي تلوث فكرهم ونتاجهم؟ أتمنى ذلك.