أطلق ولي العهد هذا الأسبوع واحدة من أهم الاستراتيجيات التي تعد بمثابة خارطة طريق لما ستكون عليه المرحلة المقبلة من حيث زيادة عدد الفرص الاستثمارية لكل من المستثمرين السعوديين والدوليين. واحد من أهداف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار هو رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنوياً، حيث تهدف المملكة ضمن رؤيتها 2030 أن يساهم الاستثمار الأجنبي بما لا يقل عن 5.7% من الناتج الإجمالي المحلي بحلول العام 2030. يعد الاستثمار الأجنبي المباشر حجر الزاوية لكل من الحكومات والشركات. لا يقتصر معنى الاستثمار الأجنبي المباشر على الحركة الدولية لرأس المال فقط، بل يشمل تعريفه أيضاً الحركة الدولية للعناصر المكملة لرأس المال مثل المهارات والعمليات والإدارة والتكنولوجيا وما إلى ذلك. على مستوى الاقتصاد الكلي يساهم جذب الاستثمارات الأجنبية في النمو الاقتصادي للمملكة وانفتاحها على أسواق جديدة مما سيكون له دور في زيادة الصادرات، كما هو واضح في العديد من الاقتصادات الناشئة لأن ليست كل السلع المنتجة من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر مخصصة للاستهلاك المحلي. علاوة على ذلك سيخلق فرصاً وظيفية لأبناء المملكة، لأنه عادةً يتم تصميم معظم الاستثمار الأجنبي المباشر لإنشاء أعمال تجارية جديدة في البلد المضيف، وهو ما يُترجم إلى خلق فرص وظيفية أكبر مقرونة بزيادة في الأجور. على الرغم من أن المملكة تتمتع باستقرار كبير في أسعار الصرف إلا أننا لا نستطيع إغفال جانب مهم وهو أن التدفق المستمر للاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة سُيترجم إلى تدفق مستمر للنقد الأجنبي، وهذا بدوره يساعد البنك المركزي في الحفاظ على احتياطي مريح من العملات الأجنبية مما يضمن استقرار أكبر لأسعار الصرف. أما على صعيد الاقتصاد الجزئي يلعب الاستثمار الأجنبي المباشر أيضاً دوراً مهماً، من خلال تمكين الشركات المحلية من التوسع في الأسواق الخارجية مما ينعكس بشكل إيجابي على تحقيق معدلات نمو كبيرة. على الجانب الآخر، يمكن أن تكون الشركات الأجنبية العاملة في الأسواق الناشئة أهدافاً للاستثمارات الأجنبية المباشرة نفسها، مما يخلق فرصاً للمستثمرين. إضافة لذلك يؤدي هذا النوع من الاستثمار إلى إدخال تقنيات وعمليات أحدث ومحسّنة مما يعزز كفاءة وفعالية الصناعة. كما أنه يساعد في خلق بيئة تنافسية، وكذلك كسر الاحتكارات المحلية. تعد المملكة واحدة من الدول ذات التصنيف منخفض المخاطر وهو ما تؤكد عليه شركات التصنيف العالمية، لذا تعد المملكة وجهة استثمارية جاذبة تبحث عنها الشركات الخارجية، حيث تتمتع المملكة باستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي ومالي، لذا ليس من المستغرب أن نرى ارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عاماً بعد عام.