سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اتجاهات التمويل الدولي وأسواق رأس المال العربية . دور محدود للأسواق العربية في تعبئة المدخرات والاستثمار وانخفاض عائدات التخصيص سببه القيود التشريعية وضعف الترويج للفرص المتاحة 2 من 3
} بعدما استعرضت الحلقة الأولى حركة أسواق التمويل الدولي في عقدي الثمانينات والتسعينات والتغيرات التي طرأت على أشكال التمويل الدولي، تطرقت الى اتجاهات هذا التمويل وحصة الدول النامية من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية الى أسواقها. وفي هذه الحلقة يتعرض الكاتب الى أسواق المال العربية والصعوبات التي تواجهها وكيفية التغلب عليها. التمويل الدولي وأسواق رأس المال العربية على رغم تزايد حصة الدول النامية من التدفقات الرأسمالية الأجنبية، إلا أن حصة الدول العربية خلال الأعوام الماضية لم تتعد اثنين في المئة من اجمالي هذه التدفقات عام 1996 واستمرت عند المستوى نفسه عام 1997. وربما عاد السبب في ذلك الى بطء نمو أسواق رأس المال العربية، وعدم تكاملها مع أسواق رأس المال العالمية، وضعف قدرتها على جذب المزيد من التدفقات على رغم احتياجاتها التمويلية الضخمة. ويكفي أن نشير الى أن قطاع البنية الأساسية في الدول العربية يحتاج - وفقاً لتقديرات البنك الدولي - الى تمويل يراوح بين 300 و350 بليون دولار للسنوات العشر المقبلة بمعدل قدره 30 بليون دولار سنوياً. ويوضح الجدول الرقم 1 بعض المؤشرات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا مقارنة باجمالي الأسواق الناشئة. ويبين ان دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا لم تستفد من الزيادة في التدفقات الرأسمالية المتجهة الى الدول النامية، اذ لم تستطع الا جذب 6.9 بليون دولار من أصل 244 بليوناً تدفقات رأسمالية صافية اتجهت الى الدول النامية. ويعود ذلك، في رأينا، الى أن العنصر الأول والرئيسي لجذب الاستثمارات الأجنبية - الى جانب المدخرات الوطنية - يتمثل في الأدوات المالية التي تطرح في سوق المال المحلية والعالمية خصوصاً تلك الأدوات المالية الجديدة الجاذبة للاستثمارات الخارجية والتي تدعم عمليات تعبئة المدخرات الوطنية. وهنا يلعب دور التصنيف العالمي للدول والمصارف من قبل الوكالات العالمية المتخصصة في دعم الاقتصادات والأسواق المالية العربية. إذ ان هذا التصنيف يعتبر بمثابة شهادة دولية موجهة للمجتمع الدولي توضح أن الدولة أو المؤسسات المصرفية المعنية على استعداد للخضوع لوكالة التصنيف من أجل تقويم أدائها ومخاطر استثماراتها وائتمانها وازالة أي أثر سلبي بالنسبة لدخولها أسواق التمويل الدولية - وبالتالي فإن هذا التصنيف يمهد الطريق لاقامة وتطوير أسواق السندات ومن ثم اتاحة الفرصة أمام المشاريع الاستثمارية للاستفادة من مصادر التمويل الدولية. ان ضعف قدرة أسواق التمويل العربية على اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية يدعونا الى التعرف على واقع هذه الأسواق وأدائها خلال الفترة الماضية والصعوبات التي تواجه تطويرها وكيفية التغلب عليها. جذب التدفقات الاستثمارية للمنطقة العربية ترتكز استراتيجية جذب التدفقات الاستثمارية للمنطقة العربية على محاور عدة أهمها: 1- توفير البيئة الاقتصادية والتشريعية والقانونية والادارية المشجعة للاستثمار: فعلى رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها دول عربية عدة لجهة إقرار قوانين جديدة خاصة بالاستثمار الأجنبي، وتعديل التشريعات والقوانين، لتتواءم مع تشجيع النشاط الاستثماري، ومنح المزيد من الحوافز والتسهيلات الضريبية، لا يزال بعض الدول العربية يعاني من نقص كفاءة الاجراءات الادارية والمؤسساتية المصاحبة للنشاط الاستثماري، ووجود بعض القيود في ما يتعلق بالتملك، وفي دخول الاستثمار الخاص الى أنشطة اقتصادية معينة، فضلاً عن ضعف وعدم كفاية آليات التسوية وفض المنازعات. 2- تطوير أسواق الأوراق المالية: اذ أن الأسواق المالية تعتبر احدى أهم القنوات لجذب التدفقات الاستثمارية الأجنبية، فعلى رغم التطورات الايجابية الملموسة التي طرأت على أسواق الأوراق المالية العربية خصوصاً في ما يتعلق بتخفيف القيود على الاستثمار الأجنبي، وتوفير التشريعات والأحكام المشجعة له سواء لجهة تملك وتداول الأوراق المالية، أو تلك المرتبطة بادخال واخراج رؤوس الأموال، إلا أنها لم تجذب - وكما ذكرنا سابقاً - إلا جزءاً يسيراً وان كان متنامياً من التدفقات الاستثمارية المتوجهة الى الدول النامية، اذ تشير البيانات الى أن اجمالي اصدارات الشركات والمؤسسات العربية من الأسهم والسندات في الأسواق الدولية منذ أن بدأت هذه الاصدارات في تشرين الأول اكتوبر 1995 وحتى نهاية عام 1997 لم تتجاوز 3.6 بليون دولار. 3- دفع برامج وأنشطة التخصيص: هناك علاقة وثيقة بين عمليات التخصيص وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتبرز أهمية تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الناتج عن عمليات التخصيص في انها تساهم في تمويل التنمية المحلية سواء عند البيع الأولي للشركة أو المشروع المعني، أو في الاستثمارات اللاحقة التي يقوم بها المستثمرون الأجانب سواء من أجل اصلاح أوضاع هذه الشركات أو توسيع نشاطها وطاقتها الانتاجية. وتشير بيانات البنك الدولى الى ان اجمالي ايرادات التخصيص للدول النامية خلال الفترة بين 1990 و1996 بلغ 155.8 بليون دولار بلغ نصيب الاستثمار الأجنبي المباشر منها نحو 27.8 في المئة. وبلغ اجمالي ايرادات التخصيص في الدول العربية خلال الفترة 91/1997 نحو 9.4 بليون دولار، واستأثرت مصر بالنصيب الأكبر فبلغت حصتها 3.7 بليون دولار أي بنسبة 39.4 في المئة من اجمالي ايرادات التخصيص خلال الفترة المشار اليها، تليها الكويت 3.1 بليون دولار بنسبة 33.1 في المئة راجع الجدول الرقم 2. وإذا كان من الملاحظ انخفاض ايرادات التخصيص نسبياً في الدول العربية مقارنة بمثيلتها في الدول النامية، فإن ذلك يعود الى عوامل عدة أهمها الضآلة النسبية لنشاط وعمليات التخصيص لجهة العدد والحجم، ووجود العديد من القيود التشريعية والاجرائية على الاستثمار الأجنبي المباشر في الكثير من الدول، وتركز معظم عمليات التخصيص على الشركات والمشاريع الصغيرة ذات الأهمية الاستراتيجية الأقل للمستثمر الأجنبي، أي ان هناك تركيزاً في التداول على عدد محدود من الأسهم بما يعني عدم عمق السوق بالدرجة الكافية لاجتذاب المستثمرين، فضلاً عن الضعف النسبي في النشاط الترويجي للفرص الاستثمارية المتاحة في عمليات التخصيص، وربما كان ذلك نتيجة لقلة عدد مصارف الاستثمار أو المؤسسات المالية المتخصصة في الترويج التي تلعب دوراً فاعلاً في تنشيط جانبي العرض والطلب على حد سواء، بالاضافة الى نقص السيولة التي تمكن معالجتها من خلال السماح لصناديق المعاشات في الدول العربية بالاستثمار بالبورصة. واقع أسواق رأس المال العربية لا تزال أسواق رأس المال العربية تقوم بدور محدود جداً في تعبئة المدخرات والاستثمار، وفي عملية الوساطة المالية عموماً، إذ تشير الاحصاءات الى أن اصدارات الأسواق المالية من أسهم وسندات لا تلبي سوى خمسة في المئة من احتياجات التمويل لدى الشركات العربية، التي لا تزال تعتمد أساساً على مواردها الذاتية وعلى القروض الممنوحة لها من القطاع المصرفي. ويوضح الجدول الرقم 3 عدد الشركات المدرجة في أسواق رأس المال العربية مقارنة بمثيلتها في الأسواق الناشئة، كما يوضح القيمة الرأسمالية لهذه الأسهم ومعدل الرسملة السوقية. ويتضح ان مصر جاءت في المركز الأول بين أسواق رأس المال العربية لجهة عدد الشركات المدرجة عام 1996، فيما احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى لجهة القيمة السوقية للأسهم المتداولة. أما بالنسبة للأسواق الناشئة فجاءت الهند عام 1996 في المركز الأول لجهة عدد الشركات المدرجة، بينما جاءت تايوان في المرتبة الأولى لجهة القيمة السوقية للأسهم المتداولة. ويتضح من الجدول السابق انه على رغم زيادة القيمة السوقية للأسهم في المنطقة العربية من أربعة بلايين دولار عام 1984 الى 102.1 بليون دولار عام 1996 ارتفعت الى 200 بليون حالياً، إلا أن هذه القيمة الأخيرة لا تمثل سوى تسعة في المئة من القيمة السوقية للأسهم في الأسواق المالية الناشئة الموضحة في الجدول والتي بلغت 1137.5 بليون دولار. أما عدد الشركات المدرجة في أسواق رأس المال في المنطقة العربية فلم يمثل سوى 9.5 في المئة من اجمالي عدد الشركات في الأسواق المالية الناشئة المذكورة. أما بالنسبة للقيمة السوقية للأسهم في الأسواق العربية منسوبة الى اجمالي الناتج المحلي وهو يعكس عمق تنوع السوق المالية فتراوح بين 14 في المئة في المغرب، و75 في المئة في الأردن، وبمقارنة الكتلة النقدية M3 باجمالي الناتج المحلي سجلت هذه النسبة أقصاها في مصر 69 في المئة وأدناها في الكويت 8 في المئة، مما يعني أن بعض الدول العربية تعتمد أساساً في التمويل على سوق رأس المال، والبعض الآخر على الجهاز المصرفي. * اقتصادي سعودي.