لم يكن الأمريكيون يتصورون أن الصيف الذي شهدت بدايته هذا العام انحساراً كبيراً في موجة فايروس كورونا الجديد سينهتي بشكل مأساوي، أبرز عناوينه: 163 ألفاً متوسط عدد الإصابات الجديدة يومياً.. وأكثر من ألف وفاة يومياً. وعدد كبير من الأطفال في المشافي جراء إصابتهم بالوباء ومضاعفاته. ومستشفيات تكاد تستنفد طاقاتها الاستيعابية. صورة مختلفة تماماً عن الوضع الصحي خلال احتفالات ذكرى الاستقلال الأمريكي في 4 يوليو الماضي، حين تحدث الرئيس جو بايدن عن «اقتراب تحقيق الاستقلال من الفايروس»... ولم يكن عدد الحالات اليومية في ذلك الأوان يزيد على 25 ألفاً يومياً. وعلى رغم تباهي الولاياتالمتحدة بشن أكبر حملة للتطعيم في تاريخها الحديث؛ فإن متوسط عدد الحالات الجديدة أضحى بحدود 163 ألفاً يومياً. وبالفعل فقد سجلت أمريكا أمس الأول (5 سبتمبر الجاري) 161.210 إصابات جديدة، رافقتها 1558 وفاة، بحسب أرقام صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصدار أمس. وأقوى دلالة على تسارع الموجة الفايروسية، التي تقودها سلالة دلتا المتحورة وراثياً، تتمثل في أن الولاياتالمتحدة قفز العدد التراكمي لإصاباتها منذ اندلاع نازلة كورونا الى 40 مليوناً أمس الأول. وها هو ذا يقترب من 14 مليوناً؛ إذ بلغ أمس (الإثنين) 40.80 مليون إصابة؛ نجمت عنها حتى أمس 666.219 وفاة. ويبلغ عدد مرضى كوفيد-19 المنومين بالمشافي حالياً نحو 100 ألف شخص. وفي كثير من الولاياتالأمريكية طلب من الموظفين مجدداً ممارسة العمل من منازلهم، مثلما كان الوضع خلال سنة 2020. وفي ولاية أريزونا، حيث أصدر حاكمها قراراً يمنع فرض إلزامية ارتداء الكمامات على الطلاب في مدارسهم؛ تغيب عشرات آلاف الطلاب والتلاميذ من مدارسهم، لأنهم مضطرون الى العزل الصحي. وفي ولاية هاواي، ناشد الحاكم السياح الأجانب والأمريكيين ألا يأتوا للولاية. ولا يقل عدد وفيات أمريكا بالوباء عن 1500 وفاة يومياً في الوقت الراهن، وهو معدل أسوأ مما حدث إبان الموجة الفايروسية التي اجتاحت البلاد خلال الصيف الماضي. وقال خبراء الصحة العامة إنهم يتوقعون مزيداً من الإصابات الجديدة بسبب قرار إعادة فتح المدارس، للمرة الأولى في أمريكا منذ مارس 2020. وأكد كبير مستشاري إدارة بايدن في شؤون مكافحة الأمراض المُعدية الدكتور أنطوني فوتشي أمس الأول أن الإدارة ستبدأ خلال أيام تنفيذ بقرنامجها لإتاحة جرعة تعزيزية ثالثة من لقاح كوفيد-19، معتمدة على لقاح فايزر-بيونتك وحده. ويأتي ذلك بعدما قررت هيئة الغذاء والدواء طلب مزيد من البيانات من شركة موديرنا بشأن جرعتها الثالثة المقترحة. وكان الرئيس الأمريكي حدد 20 الجاري موعداً لانطلاق حملة منح الجرعة التعزيزية الثالثة للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، وبمشكلات في مناعتهم. غير أن الجهات الرقابية الصحية تقول إن إقرار الجرعة الثالثة يتطلب بيانات كافية، ودراسة متأنية. واعتبرت أي حضٍ من جانب الإدارة على التعجيل بالقرارات في هذا الخصوص تدخلاً سياسياً في عمل العلماء الأمريكيين. وتوقع الدكتور فوتشي أن يستغرق التأخير في إقرار الجرعة الثالثة من لقاح موديرنا «بضعة أسابيع فحسب». وعلى صعيد العالم، ارتفع عدد الإصابات عالمياً منتصف نهار الإثنين الى 221.62 مليون حالة. وواكب ذلك ارتفاع عدد وفيات كوفيد حول العالم أمس إلى 4.58 مليون وفاة؛ على رغم ارتفاع عدد جرعات اللقاحات المستخدمة في 183 بلداً ومنطقة أمس الى 5.48 مليار جرعة. وأضحت روسيا أمس الدولة الوحيدة في العالم التي ارتفع عدد إصاباتها الى 7 ملايين إصابة. وفيما تعدّت الهند أمس 33 مليون إصابة؛ توشك بريطانيا الى منافسة روسيا للالتحاق بنادي ال7 ملايين إصابة؛ إذ ارتفع عدد إصاباتها (الإثنين) إلى 6.98 مليون إصابة. وكانت بريطانيا أعلنت الإثنين أنها سجلت 37.011 إصابة جديدة و68 وفاة إضافية بكوفيد-19 خلال الساعات ال24 الماضية. وتوشك البرازيل -الثانية عالمياً من حيث عددُ الوفيات عالمياً- على بلوغ 21 مليون إصابة (20.89 مليون أمس). وفي نيوزيلندا، قالت رئيسة الوزراء جاسيندا أردن أمس إن أوكلاند -ثانية كبرى مدن البلاد بعد العاصمة ويلينغتون- ستظل قيد الإغلاق حتى 15 الجاري. لكنها ذكرت أنها قررت تخفيف التدابير الصحية في بقية أرجاء نيوزيلندا، بحيث تمكن عودة الموظفين إلى مكاتبهم، والطلاب إلى مدارسهم. وينص القرار على إلزام السكان بارتداء الكمامات في الأماكن العمومية، وحظر تجمع أكثر من 50 شخصاً في الأماكن المغلقة. وقالت أردن: لقد أبلينا بلاء حسناً للسيطرة على التفشي الوبائي. لكن المهمة لم تكتمل. لقد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من وقف التفشي. لكننا لن نغمض أعيننا مطلقاً. ويبدو أن نيوزيلندا توشك على دحر الفايروس مجدداً، بنجاحها من خلال الإغلاق الكامل في خفض عدد الحالات الجديدة الى نحو 20 إصابة فقط يومياً. وإذا تمكنت من القضاء على التفشي الحالي، فسيكون انتصاراً عالمياً مدوياً ضد سلالة دلتا المتحورة وراثياً التي أعيت العالم بأسره. المساواة في الحصول على لقاحات الفايروس قال وزير الصحة الإيطالي روبيرتو سبيرانزا أمس، إن مجموعة من وزراء الصحة في مجموعة العشرين اتفقوا على العمل معاً من أجل تحقيق مزيد من المساواة في توزيع لقاحات كوفيد-19 على دول المعمورة. وينص الالتزام الذي تعهّده الوزراء- بحسب سبيرانزا- على اعتبار اللقاح حقاً للجميع. وعلى ذلك فإن محادثات روما ستعمل على تحقيق العدالة في توزيع اللقاحات المضادة للوباء العالمي، بدلاً من تكدس اللقاحات لدى الدول الغنية وحدها. وفيما أعلنت شركة دايتشي سانكيو الدوائية اليابانية أمس أن لقاحاً أنتجته بتكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي mRNA سيستخدم فقط لتوفير الجرعة التعزيزية الثالثة، التي ستبدأ الحكومة اليانية إعطاءها للمحصنين بجرعتي اللقاحات الأخرى، اعتباراً من السنة القادمة؛ قال وزير شؤون التطعيم البريطاني ناظم زهاوي أمس إن بلاده ستطلب من رواد المناسبات الحاشدة، كالمباريات الرياضية والحفلات الجماهيرية، إبراز شهادة تثبت تحصينهم بلقاحات كوفيد-19، وذلك لمنع تحول تلك المناسبات إلى سبب لإفشاء عدوى كوفيد-19. وكشف زهاوي أن وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد يعمل على خطة ستلزم جميع الكوادر الصحية البريطانية بالخضوع للقاحات كوفيد-19. وأكد زهاوي أن حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون لم تتخذ قراراً بعد في شأنه تطعيم المراهقين والأطفال من سن 12 إلى 15 عاماً. وأشار إلى أنه إذا تقرر تطعيم تلك الفئة فسيكون الحصول على موافقة الأب، أو ولي الأمر، شرطاً لتطعيم الطفل. وكانت اللجنة العلمية الحكومية المختصة بالتطعيم والتحصين أفتت (الجمعة) بأنها لن توصي بتطعيم الصغار، لأن الخطر عليهم من الإصابة بكوفيد-19 ضئيل جداً، بحيث لا يبرر تطعيمهم.