استغلال العمل التطوعي كان موضوعاً متداولاً في منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، وهذا يعود في جزء منه إلى النظرة السطحية لمستهدفات رؤية 2030، وخطتها في الوصول لمليون متطوع وفق المعيار السعودي لإدارة التطوع، والمسألة تشمل القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، وفيها خلط بين الخدمة الاجتماعية بنظام العمل الجزئي المدفوع وبين العمل التطوعي المجاني. في أواخر يناير 2020، صدرت موافقة مجلس الوزراء السعودي على نظام العمل التطوعي، والنظام مكون من 18 مادة، وقد ورد في مادته الخامسة عشرة أنه لا يجوز استغلال المتطوعين والحصول على خدماتهم في القطاع الخاص، إذا كانت أعمالهم تحقق عوائد ربحية لمن يستعينون بهم، وأتصور أن الاستفادة من المتطوعين كموظفين مقنعين في بعض الجهات، يدخل في هذه المادة، وتحديداً عندما يكون اللجوء إليهم لخفض مصروفات التوظيف وزيادة الأرباح. التطوع بمفهومه المتعارف عليه بدأ قبل ما يقرب من أربعمائة سنة، وتوجد في المملكة منصات كثيرة للتطوع من أبرزها، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وهو يمثل قناة للعمل التطوعي الخارجي، بجانب المنصة الوطنية للعمل التطوعي، والأخيرة مربوطة بمركز المعلومات الوطني، وتظهر عدد الساعات التطوعية لكل شخص، وعدد مرات التطوع، وتدرج فيها الفرص التطوعية لأكثر من ألف جهة حكومية وخاصة وخيرية، وتعمل على قياس مؤشرات التطوع بما يخدم رؤية 2030، وهناك علاوة على سبق، منصة مسك الخيرية للتطوع، ومنصة التطوع الصحي، والجمعية السعودية للعمل التطوعي، وجمعية لأجلهم لخدمة ذوي الإعاقة، وقد تم تخصيص جائزة للعمل التطوعي تمنحها وزارة الموارد البشرية بدعم من برنامج التحول الوطني، لدعم مجتمعات التطوع وتعزيز جودة مبادراتها. في الدول الغربية يمنح المتطوع علاوة أو مكافأة للتطوع مقابل ما يقوم به، وفي بعض المجتمعات العربية يربط العمل التطوعي بالترقية الوظيفية، أو بدرجات الأعمال الفصلية في التعليم العام والجامعي، ولا يعوض المتطوع عن المصاريف التي ينفقها للقيام بأعماله التطوعية، وكلها سلوكيات تكشف عن ارتباك عربي في فهم مجانية التطوع، وفي تقدير رسالته الإنسانية النبيلة. المملكة تحاول رفع مساهمة الأعمال التطوعية في الناتج المحلي من 1% الى 5% خلال التسع سنوات القادمة، وتصل نسبة السعوديين المتطوعين من الجنسين إلى 34% ممن أعمارهم 15 سنة فأعلى، مقارنة بما نسبته 30% من سكان أمريكا، و45% من سكان ألمانيا، وكشف تقرير الأممالمتحدة عن حالة التطوع في العالم لسنة 2018، أن أعداد المتطوعين وصل إلى مئة وتسعة ملايين شخص، وشكل نصيب الدول العربية تسعة ملايين من هؤلاء، أو ما نسبته 12%، والمملكة متقدمة على بقية الدول العربية في العمل التطوعي، والمفروض أن يتم العمل على رفع هذه النسبة، بالإضافة إلى وضع إجراءات رقابية صارمة لضبط مخالفات من يتاجرون بالتطوع والتشهير بهم.