عرفت المجتمعات والدول منذ قديم الأزل بالأعمال التطوعية التي تصدر من أناس بذلوا الجهد والوقت دون مقابل مادي في الحروب والأزمات وحتى في وقت السلم في مساعدة الآخرين من هم في حاجة للمساعدة والعناية الطبية والتعليمية، وقد قامت بناء على ذلك منظمات عالمية تبنت هذا العمل النبيل في أسمى صورة وضمت العديد من القطاعات التطوعية والمتطوعين وتُكافئ الأشخاص الذين يُمارسونها من باب تحفيزهم وزيادة الروح التفاعلية والإيجابية بينهم، ويعتبر العمل التطوعي من أسمى الأعمال الإنسانية حيث إن من يقدمه يكون من تلقاء نفسه ورغبة في عمل الخير وسموها وزهدها عن المقابل لهذا العمل الإنساني. والعمل التطوعي يأتي بإرادة داخلية من قبل الشخص المتطوّع، فهو من الأشياء التي قد تكون فطرية ومكتسبة في الوقت نفسه، فالشخص يولد ولديه الرغبة الكاملة في مساعدة الآخرين ومساندتهم، ثم يكتسب المزيد من الأسباب التي تجعله يسعى لهذا الشيء بكل قوّة. والتطوع في السعودية بدأ بتأسيس (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حاليًا) في العام 1380ه، وقيامها بتنظيم صناديق البر الخيرية. وتُشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة المتطوعين السعوديين للسكان السعوديين لمن أعمارهم أقل من 18 سنة 65 % من إجمالي المتطوعين، و35 % أكثر من 18 سنة، وتهدف رؤية السعودية 2030 للوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي سنوياً. وقد تم تدشين منصة العمل التطوعي في المملكة العربية السعودية بتاريخ 08 شعبان 1441 ه، وتهدف إلى دعم مبادرات رؤية المملكة 2030. كما أن المنصة التطوعية مرتبطة بمركز المعلومات الوطني لتوثيق الأعمال والساعات التطوعية لكل متطوع. وتشكل الأعمال التطوعية في عدة مجالات ثقافية اجتماعية ورعاية صحية ومساعدات متنوعة وأعمال خيرية، علماً أنه لدى السعودية أقل من 1000 مؤسسة وجمعية غير ربحية، مع تخصيص دعم حكومي للبرامج التي تخدم الجوانب الاجتماعية في الدولة، وتدريب العاملين، وجذب الراغبين في التطوع بهذه المجالات، إضافةً إلى إيجاد سبل تشجيعية للأوقاف لتوفير مصادر تمويل مستدامة للقطاع، وتركز السعودية على تنشيط القطاع غير الربحي في مجالات الإسكان والصحة والتعليم والأبحاث والبرامج والفعاليات. العمل التطوعي وإن قلّ عمل فاضل وتنمية للذات وتهذيب النفس البشرية وتطويعها في مجالات الخير والعطاء دون أخذ، وهي الثقافة السائدة في المجتمعات المتحضرة والسعي فيها يدل على وعي كامل لشتى مجالات العمل الخيري الذي يحوي في طياته أسمى معاني التفاني والتلاحم بين أفراد المجتمع. لولا التَّعاونُ بينَ النَّاسِ ما شرفتْ نفسٌ ولا ازدهرتْ أرضٌ بعمرانِ