إن البشرية هي مجتمع ذو مصير مشترك يتشاطر في السراء والضراء ولا يمكن لأي بلد أن يقف بمفرده في مواجهة التهديدات الوبائية الكبرى. لا يعرف الفايروس حدودا وعرقا، فلا يمكن هزمه إلا بقوة مشتركة نبعت من التضامن والتعاون. يعد تتبع منشأ الفايروس قضية علمية جادة، يجب أن يتعاون العلماء والخبراء الطبيون العالميون في بحثها واستخلاص نتائجها العلمية بناء على الحقائق والأدلة. ولكن للأسف، قامت دولة منفردة بسلسلة من التلاعبات السياسية في قضية تتبع منشأ الفايروس وضغطت على الأمانة العامة لمنظمة الصحة العالمية لطرح الخطة بشأن المرحلة الثانية من تتبع منشأ كوفيد-19 أحادية الجانب دون توافق الدول الأعضاء فنشرت «فايروس سياسي» في المجتمع الدولي، الأمر الذي يشوش بشدة على عملية تتبع منشأ الفايروس وموضوعيّتها. لن يساعد تسييس القضية العلمية في توضيح منشأ الفايروس فحسب، بل سيؤدي إلى غياب الشفافية وتعقيد المشكلة وتقويض التعاون الدولي لمكافحة الوباء. إن تتبع منشأ الفايروس التزام مشترك لجميع دول العالم. لم تنجح الصين في احتواء الوباء أولا فحسب، بل ظلت ولا تزال توفر كل ما في وسعها من مساعدات للتعاون الدولي في مكافحة الوباء من حيث البضائع والمعارف واللقاحات. في الوقت نفسه، تكون الصين أيضا أول دولة تشارك البيانات ذات الصلة مع منظمة الصحة العالمية وتساهم في البحث العلمي لتتبع المنشأ على نحو شامل. تتمسك الصين بمبادئ الانفتاح والشفافية والعلم والتعاون لدعم -بشكل كامل- أعمال تتبع منشأ الفايروس التي يقوم بها فريق خبراء منظمة الصحة العالمية. في بداية هذا العام، تعاون فريق الخبراء المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية في إجراء أعمال الجزء الصيني لتتبع المنشأ عالميا، لقد أوفت الصين بمتطلبات زيارات خبراء الفريق بكل معنى الكلمة ووضعت مثالا لتعزيز التعاون الدولي في تتبع منشأ الفايروس. قد خلُص التقرير المشترك بوضوح إلى أن «التسرب من المختبر غير مرجح تماما» وهناك توافق واسع في الوسط العلمي الدولي على هذا الأمر. منذ وقت ليس ببعيد، أصدر 24 خبيرا طبيا دوليا بيانا مشتركا نُشِر في مجلة طبية موثوقة «ذا لانسيت (The Lancet)» لدحض نظرية «تسرب المختبر» المزعومة ويتأكدون من نظرية تطور فايروس كوفيد-19 فى الطبيعة. يمكن القول إن الجزء الصيني من أعمال البحث العالمي لتتبع منشأ الفايروس قد اكتمل بشكل ممتاز. يكون تتبع منشأ الفايروس سباقا بين العلم والفايروس وهو مهمة جادة وعاجلة. ينبغي تنفيذ المرحلة الثانية من أعمال تتبع منشأ الفايروس على أساس المرحلة الأولى، بالنسبة لتلك الأعمال التي نفذت بالفعل وخاصة تلك التي تم التوصل إلى نتيجة واضحة، فلا ينبغي تكرارها على اعتبار أن إضاعة الوقت هي أكبر تجاهل للأرواح. هناك المزيد من الأبحاث العلمية في مختلف البلدان تظهر أن الجائحة تتميز بمصادر متعددة في أماكن متعددة من بلدان متعددة وكان وقت بروز حالة إصابة في الولاياتالمتحدة ودول أخرى أبكر بكثير من تسجيل أول حالة إصابة في مدينة ووهان. يجب على جميع البلدان التي أبلغت عن حالات مبكرة تتبُّع ممارسات الصين لدعوة فريق خبراء منظمة الصحة العالمية لإجراء عمليات استطلاع ميدانية مشتركة. فينبغي تنفيذ المرحلة التالية من أعمال تتبع منشأ الفايروس في عديد من بلدان العالم عامة والتركيز على الولاياتالمتحدة المحدقة بالشكوك بشكل خاص. مع ذلك، تتعصب المرحلة الثانية من خطة تتبع المنشأ على اتخاذ فرضية «انتهاك الصين الإجراءات المختبرية والتسبب في تسرب الفايروس» كأحد أولويات بحثها وتجاهل -عمدا- اتجاهات البحث المهمة مثل حالات مبكرة في أنحاء العالم واحتمالية انتقال الفايروس عبر منتجات سلسلة التبريد وتغض الطرف بشكل انتقائي عن الوضع القاتم في الولاياتالمتحدة ودول أخرى. لا يمكن للناس إلا أن يستنتجوا أن ما يسمى بالمرحلة الثانية من خطة تتبع المنشأ التي تتعارض مع العلم والمنطق السليم، قد انحرفت بالفعل عن هدفها العلمي الأصلي فأصبح منتج التلاعب السياسي. كما أشار بعض الخبراء إلى أن المرحلة الثانية من خطة تتبع المنشأ هي «إهانة لذكاء الخبراء الذين استنفدوا كل جهودهم العظيمة في محاولة العثور على مصدر الجائحة خلال عدة شهور»، حتى تكون خيانة كاملة للعلم والحقائق. قدم لحد اليوم أكثر من 70 دولة خطابات إلى منظمة الصحة العالمية، تعبيرا عن موافقتها على نتائج المرحلة الأولى من أعمال تتبع المنشأ وتعارض تسييس تتبع منشأ الفايروس. في 2 أغسطس، أكد أكثر من 300 حزب سياسي وجمعية اجتماعية ومركز بحثي في أكثر من 100 دولة ومنطقة في البيان المشترك الذي قُدم إلى الأمانة العامة لمنظمة الصحة العالمية، على ضرورة قيام المجتمع الدولي بتعزيز التعاون في مكافحة الوباء، ودعوا فيه إلى إجراء بحث موضوعي وحيادي حول تتبع منشأ الفايروس، وعارضوا كل محاولات تسييسه ووسمه ووصمه والعوامل السياسية والتلاعب السياسي فيه. وهذا يعكس تماما عدالة المجتمع الدولي وما يريده، فهذه الأصوات من الضرورة أن تُحترَم. إن اكتشاف مصدر الفايروس بدقة يمكن أن يمنع بشكل فعال تكرار وباء مماثل. ولكن لا ينبغي تلويث قضية تتبع منشأ الفايروس بالفايروس السياسي ولا ينبغي أن تكون القضية أداة لبعض الدول للتنصل من المسؤوليات وردع الدول الأخرى وضغطها، ناهيك عن التسبب في انقسام المجتمع الدولي. فمعارضة الصين للمرحلة الثانية من خطة تتبع المنشأ التي تتعرض لتشويش التسييس الشديد، هو للحفاظ على الطابع العلمي لتتبع منشأ الفايروس وعدالته وكذلك التضامن العالمي في مكافحة الوباء فضلا عن صحة البشرية ورفاهيتها.